الخميس، 28 مارس 2013

عن جهاد النكاح وخطورة الشاب الوسيم!


الصورة من مدونة تخاريف
أسمع هذه الأيام صرخات متحجرة ممجوجة قادمة من عصور الظلام والتيه، خارجة من حناجر ملوثة بالتخلف والعدمية، تفوح منها رائحة القبور، تجعل العقل يتوقف عن التفكير والحواس تتألم وتعيش في صراع مع تردي الذوق والانحطاط الفكري المقيت، أصوات قادمة من مملكة أل سعود تقول أنه على الرجل عدم الاختلاء بالشاب الوسيم  حتى لا يغريه ويقعوا في "الرذيلة "وأخرى من مصر تنصح  الإعلامي الساخر باسم يوسف بلبس النقاب لأنه"أحلي"من إلهام شاهين وليلى علوي وذلك حسب تعاليم "الإسلام "، ونقرأ أخباراً تفيد أن هناك فتوى مجهولة المصدر تروج لفكر"جهادالنكاح" أو"الاغتصاب المقدس"حيث تقوم الفتاة بالسفر إلى سوريا لتتزوج أحد المقالين هناك لمدة ساعة كمساهمة منها في دعم الثورة ولو جنسيا، الأمر الذي لا يعدو كونه تشريعا للبغاء ، وقد تسببت هذه الفتوى في سفر عشرات الفتيات التونسيات إلى سوريا من أجل ذلك الغرض وما خفي كان أعظم.
هذه  الفتاوى هي تطور طبيعي لنظرة المتطرفين الوهابيين للمرأة على إنها عورة وعار يجب حجبه وأن دورها فقط هو إشباع غرائز الرجال، وعقدتهم الأزلية  مع الجمال والجنس،فقد تطور الأمر من نقاب المرأة وضرورة سجنها في المنزل إلى الدعوات إلى نقاب الرجل الوسيم وحجبه مخافة الفتنة فهم لا يفكرون بعقولهم بل بما تحت أحزمتهم، فالجمال برأيهم يجب سجنه لأنه خطر على الأمة ومجالسة الوسيم نتيجة حتمية للرذيلة-كأننا نعيش فقط من أجل الجنس-.
لكن الخطورة  في الأمر تكمن في أن هذه الفتاوى والآراء والمظاهر أصبحت عابرة للقارات، فالفتوى تطبخ وتطلق من السعودية ويصرف عليها بسخاء من مال الشعب السعودي لتعم كل بقاع الأرض عبر القنوات الفضائية، وتروج على أنها هي الإسلام الصحيح وغيرها كفرو بهتان مبين، ويتأثر بها المصابين بالتصحر الفكري وضمور الوعي.
فمثلا في موريتانيا أصبحنا نلاحظ ازديادًا في أعداد المنقبات ذلك اللباس الغريب على ثقافتنا، فأنا مثلا، حين رأيت عند دخولي الجامعة إحدى الطالبات تلبس النقاب، ارتعدت فرائصي خوفا من هذا الكائن الدخيل علينا فلم أكن أعرفه قبل سنوات قليلة، وبدأ الخطاب المتشدد الذي يضطهد المرأة القادم من السعودية ينخر جسد المجتمع.
وأصبحت  مصر كذلك أرض الحضارة والجمال موطنا للانحطاط وتردي الذوق وانتقل الحديث فيها من الإبداع إلى زواج القاصر ووطئ الجثة وحجاب الرجل وشرب المرأة لبول زوجها وارتدائها للبنطلون  حتي إن كان في بيتها، وحرمة جلوسها على الكرسي و لمسها للموز أو الجزر، ففي مصر أصبح يخرج لنا شخص مثل إسحاق الحويني ويقول : "وجه المرأة كفرجها "، وينتقد ظهور الفقيهات على التلفزيون ويتهم المرأة 
 بالعامية والجهل و الدونية :
واحدة قاعدة أمام الكاميرا علي الفضائية تخاطب ملايين الناس في العالم..بأي دليل تخرج؟ ماذا عند هذه المرأة من العلم حتي تقدمه؟ إنما العلم للرجال »بتاع الرجالة وبس« وأي امرأة مهما صعدت هي مقلدة وعامية، ما فيش امرأة قادرة علي دراسة العلم علي أصوله، الجهل فاشي في النساء«(!)
 السبب في هذه الحالة هو استقالة النخب من دورها التنويري وترك الشعب للفقه الغوغائي المريض ومدعي العلم والتدين فالطبيعة لا تحب الفراغ..وعندما نعجز عن ملئها بما هو إيجابي، فنحن نترك للسلبي ذلك الدور.

تنويه:
الاقتباس المتعلق بكلام الحويني أخذته من موضوع ثورة النساء ضد التيـــــــــــــــــارات الدينية المتطرفة المنشور في أخبار اليوم.

الأحد، 10 مارس 2013

شهادة عن توقيفي :أنت مواطن إذن أنت متهم!

قضيت يوم السبت ساعات بطعم الذل ورائحة البول والنتانة، فقد قامت الشرطة الموريتانية بتوقيفي لحظة خروجي من القهوة التونسية،حيث كنت أحضر اللقاء الأسبوعي الذي ينظمه ملتقى 21 أغسطس الثقافي،وكان ضيفنا فيه الشاعر الموريتاني المخضرم   ناجي محمد إمام،وقد حدثنا عن حالة الضياع التي يعيشها الوطن...المهم قلت للفرقة التي أوقفتني هذا ليس قانونيا وانتهاك لحرية التنقل، فحالة الطوارئ لها أسس يجب مراعتها وعليها الخضوع للمسطرة القانونية .فالرئيس لم يعلنها ولم تذع في المنابر الرسمية ولم يحدد لها وقت ونطاق زمني كمايجب،أنتم تعاملوننا كخراف تحددون لنا وقت نومنا ولن نقبل وتفترضون مسبقا أننا مجموعة من المجرمين...
لم يجبني، وقال لي إصعد ونظر الى  بوجه ممتقع منفعل ميت،أوقفوا كذالك معي مواطن سويسريا وإنطلقنا الى مفوضية الشرطة (تفرغ زينة 4)، وعند وصولنا أدخلوني الى مبناها، وطبعا أطلقوا سراح السويسري قبل أن تلج قدماه المفوضية فهو سويسري وأنا مواطن موريتاني حقير.
كانت المفوضية مكتظة بالمواطنين والاجانب(الافارقة والعرب) الموقوفين رغم أنهم يحملون اوراقهم...يستنشقون معا رائحة البول المنبعثة من حمامات المفوضية المقرفة، بدات أقول لهم توقيفكم لي ليس قانونيا وهو إنتهاك لحقوقكم...تفاعل معي بعضهم وبدأوا يطالبون بالخروج فرد  بعض عناصر الشرطة بضرب بعضهم ضربا مبرحا والتلفظ بعبارات عنصرية في استمرار لانتهاك حقوق الانسان...مما أدى بأحد الموقوفين الى أن يقول لاحد عناصر الامن:
"لو لم تكن ترتدي زي الشرطة وفي المفوضية لاوسعتك ضربا،فانا أستطيع ذالك وانت تعرف،لكن يمنعني أحترامي لزيك".
مرت الساعات وإزداد الاحتقان فالباعوض لعب باجساد الموقوفين والجوع سكن في بطونهم وحاول البعض النوم فلم يجد مكانا لان الارضية متسخة كأفكار عناصر الشرطة، 
لكن لم يمنع كل هذا من أن تتعالى النغمات والالحان التي تعبر عن كل صوت ...فالفلسطيني أطلق العنان للدبكة والتراث الفلسطيني...والافواري أضفى للمكان لمسة إفريقية رائعة...كذالك كان لديمي وسدوم وولاد لبلاد مكان في المفوضية...أيضا حضر بقوة  نقاش جدلية بارشلونة وريال،وفي الصباح وبعد تزايد الاحتجاج قرر الامن أن يطلق سراحنا، وخرجنا وتركنا الاجانب لمصيرهم.
بعد خروجنا قال بعض الموقوفين للامن إنتظرونا الليلة سنزوركم لاننا نعمل في الليل ولانستطيع تركه وانتم لن تعوضونا ما نجني ونعيش منه .
ماحدث أمر طبيعي لاننا نعيش في ظل دولة اللاقانون،واحتقار الانسان، وتقييد الحريات، ففي نفس اليوم قام النظام برفض مسيرة كانت النساء الموريتانيا تنوي تنظيمها في ذكرى عيد المرأة (8مارس)،لكن نحن من يسمح لهم باحتقارنا فلو خرجنا لهم ورفضنا حالة الطوارئ هذه وتقييد الحريات والظلم والعنصرية لن يستطيعوا التمتع بإذلالنا.



الأربعاء، 6 مارس 2013

موريتانيا :لاوجود لدولة القانون

صورة من الندوة (موقع الاخبارإنفو)
خرجت صباح اليوم متجها إلى( فندق) وصال لتلبية دعوة من هيئة المحامين الموريتانيين،ركبت أول تاكسي تصادفني وما إن انطلقنا حتى بدأ الركاب يتحدثون عن تزايد حالات الانتحار والقتل وتطور الجريمة في أيامنا هذه،فقال لهم شيخ مسن :  
حدوث هذه الأمور يعني أن العدل غائب والحاكم مستبد وفاسد ولا يراعي مصالح الناس،لم أتحدث لهم كما أفعل عادة في التاكسي، لكن قلت في خلدي هذا هو رأي الشارع، فيا ترى ماذا سيقول المحامين والعاملين في سلك القضاء في موريتانيا في ندوتهم؟، التي تحمل عنوان :
دولة القانون :الواقع والتحديات،والتي سيضم برنامجها مجموعة من العروض تتناول دولة القانون من عدة محاور.
وصلت قاعة المحاضرة فوجدتها تحتفي بمجموعة من الشخصيات السياسية والحقوقية والفاعلين في المجتمع المدني، كان هناك أيضا ممثل عن قيادة الدرك.
بعد دقائق من الانتظار بدأت أعمال الندوة بكلمة لنقيب المحامين الموريتانين،أكد فيها أن  البلاد تعيش وضعا أشبه ما يكون بالتعسف الذي ترعاه السلطات؛ مما قد ينجرُّ عنه احتقان يـُـخشى من أن يؤديَّ إلى هزات فظيعة. فالقانون يخرق كل يوم ودولة القانون غائبة والقضاء غير مستقل،وقال أن الدول لا تتقدم إلا باحترام القانون،فالدول التي عاشت على وقع الأزمات لم تكن لتعيشها لولا غياب القانون  :
لأننا نعتقد أن "السلطة تعد بمثابة عدو للحرية مهما كان شأن التنظيم الديمقراطي الحاضنِ لها". ولأننا نعلم كلـُّـنا أن بلادنا سُجـّـل عليها - أكثر من مرة- قصورٌ فى الوفاء بالالتزامات الدولية فى مجال حقوق الانسان. وانطلاقا من ذلك فمن العادي أن تكون الدولة نقيضا لنا، ولا يمكن أن يـُـنتظر منا إلا أن نصارعَـها من أجل خلق جو يسود فيه القانون، ليس إلا.ومن هنا، فإننا نؤكد أننا سوف نظل نواجه السلطة، نتـتـبَّع خروقاتِـها، نفضحُ تجاوزاتِـها، ونندد بتصرفاتها الخارجة عن القانون إلى أن تسير على الدرب القويم، لأن ما هي عليه الآن لا يمكن السكوت عليه؛ فيحدث تارة أن قرارات قاضي التحقيق تسمو على قرارات المحكمة العليا التي ألغتها كما وقع مع قضية الكفالة في ملف الخطوط الجوية الموريتانية، وإنه لأمر لا يحدث في دولة قانون. كما يستحيل في هذه البلاد تنفيذ حكم قضائي على مصلحة حكومية أو شخص محمي، الأمر الذي لا يمكن أن يقع في دولة قانون. أما السجون فوضعها مزرٍ ويسود فيها التعذيب، فكان لابد من أن يموت نزلاءٌ كي تفهم السلطة أننا لم نكن نمزح عندما قلنا مرارا بأنه ثمة ممارسة للتعذيب الذي يُعتبر معاملة مرفوضة تحرمها كل القوانين والمواثيق الدولية، وأنه لا يمارس في دولة القانون. وإن وجود سجون مجهولة المكان، لا يزورها المحامون، ولا ذوو المعتقلين (كما هو شأن السلفيين) يناقض نص القانون، ولا يحدث إطلاقا في دولة قانون. كما أن وجود برلمان يعمل خارج القانون منذ أكثر من سنة مسألة لا تحدث في دولة القانون.
أضاف في فقرة أخرى :
لم يبق إذن إلا أن يسود القانون وأن يفهم الحاكمون أن الشعب والثروة ليسا ملكا لهم، وأن عليهم أن يتوددوا للشعب بدل أن يتطاولوا عليه، وأن يُـبـَــرِّروا له بدل أن يحتقروه، وأن يأخذوا رأيـَـه بدل أن يُـقصوه، وأن يحموهُ بدل أن يتسلــَّــطوا عليه. إن عليهم أن يفهموا أن عهد الدوس على كرامة الناس، وخرق حقوق الإنسان، وسوء التسيير، والإفراط في القمع، وتكميم الأفواه، واستخدام القوة العمومية من أجل تصفية الحسابات، قد ولــّـى لغير رجعة. وإن على القضاء، تحاشيا للانزلاق نحو المجهول، أن يتوقف عن الاستخفاف بتظلمات المواطنين، وأن يتعامل بجدية وصدق مع كل الملفات الحساسة بما فيها الشكاوى التي تتقدم بها المنظمات المناهضة للرق.
أما المحامي الأستاذ إبراهيم ولد ابتى فقد تحدث في عرضه عن دولة القانون من خلال المحاكمة العادلة ، الذي قال فيه أن الطعن لصالح القانون أصبح بضاعة بيد وزير العدل يستخدمها حين أراد ذلك،رغم أنه حق أصلا هدفه إعادة قاعدة قانونية تم خرقها"،ودعى جميع المحامين وخبراء القانون بموريتانيا إلى التحرك والعمل من أجل إلغاء ما يعرف بـ"الطعن لصالح القانون"،مضيفا أن هذا الحق المتاح حصريا لوزير العدل لم يعد يخدم دولة القانون للتعسف في استخدامه:
إن الاستخدام المفرط للطعن لصالح القانون يفقد هيبة المحكمة العليا بل أصبح "نوع من تطويع المحكمة العليا من طرف وزير العدل،فوزير العدل قدم الأسبوع الماضي 3 طعون لصالح القانون رفضتها المحكمة العليا.
تحدث أيضا عن التعذيب في السجون الموريتانية:
يجب أن يوجد توازن في حقوق الأطراف وتوفير الظروف المناسبة ليقدم كل طرف حجته، لكن في موريتانيا يسمح لضابط الشرطة بالتدخل من أجل تقديم اقتراح لوكيل الجمهورية بمنع المتهم من التواصل مع محاميه"رغم ما لذلك من خطر على حقوق الآخر".فمثل هذه القوانين مضر بالمحاكمة العادلة وتجب معالجته على الفور،والمحاكم العادلة تتطلب التجرد حتى لا يتصرف القاضي خدمة للإدارة. فهناك العديد من الأحكام المعطلة، خصوصا الأحكام التي تكون الإدارة طرفا فيها"،وهذه الوضعية رسخت وجود التعذيب في السجون الموريتانية.
مداخلات المحامين أزعجت  بعض المحامين الحاضرين من أنصار النظام الموريتاني واتهموا النقابة بالتسيس والارتهان للمعارضة وتصفية الحسابات مع الجنرال محمد ولد عبد العزيز،وقالوا أنه على المحامي أن لاصطدم مع السلطة .لكن المحامي المختار ولد اعلى رد عليهم وقال :
نحن نقول ماتمليه علينا ضمائرنا والمحامي ليس باحث عن المال، بل هو مدافع عن الحق والمظلومين ومن الطبيعي أن نصطدم بالسلطة لاننا نكشف خرقها للقانون،وسنظل نقول الحقيقية ولتتهمونا بما تشاءون.
كنت اَخر المتدخلين  وأرجعت غياب دولة القانون في موريتانيا إلى سيطرة العسكر على الحكم،وقلت أن من يحكم موريتانيا الان خارج على القانون فقد قام بالانقلاب على رئيس مدني منتخب ورماه خارج القصر وجلس مكانه وسحق الدستور بدبابته.
تحدثت كذالك عن قمع النظام للمتظاهرين والتنكيل بهم وذكرت واقعة نشطاء حركة 25 فبراير الذين تم تعذيبهم في الإدارة الجهوية للأمن (عبد الفتاح ولد حبيب ومحمد عبدو )،وهم الذين يتخذون المقاومة المدنية نهجا وغاندي ملهما وجين شارب معلما.
تطرقت أيضا لحظر التجول الغير قانوني الذي تقوم به قوى الامن  لكونه غير معلن وغير مبرر والذي يتضرر منه كل ليلة المواطنيين في العاصمة نواكشوط،ودعيت المحامين إلى ركوب قطار التغيير كما فعل نظارائهم في مصر وتونس وحدثتهم عن دعمهم للحركات الاحتجاجية في بلدانهم، فالمحامي هو صوت ونصير المطالبين بالتغيير والمظلومين والباحثين عن الحرية.تفاعل الحاضرين مع مداخلتي وقالي لي  بعضهم أنتم الأمل ...
انتهت الندوة وزادت قناعتي أنه لاوجود لدولة القانون في بلدي .

الثلاثاء، 5 مارس 2013

الوطن يسعنا

صورة من نشاط لحركة لاتلمش جنسيتي 
عندما بدأت بعض الأصوات الزنجية الموريتانية تتعالى وتنتقد الإحصاء السكاني وتطالب بالخروج ضده وبإسقاطه وتتهمه بالعنصرية والإقصاء.قررت الاستماع لشكاويهم والتعرف على أسباب امتعاضهم،حينها انزعجت مثلهم واعتبرت أن الإحصاء يهدد السلم الاهلى، وفيه أسئلة توجه إلى الزنوج أقل مايقال أنها عنصرية و إقصائية.
استفسارات تشعر الاَخر بالدونية والنقص والاتهام المسبق في موريتانيته،وذلك ماتحدث عنه لوكورمو،وهو أحد أهم أساتذة القانون الدستوري في موريتانيا والمعرف بخدمته للطلاب الموريتانيين بمختلف أعراقهم،حيث تكلم البروفسورعن استجوابه بطريقة مذلة وطرح السؤال التالي عليه:
 مادمت محاميا فهل تعرف المحامي ولد عبد القادر بعمارة ولد المامي؟، تحدثت كذلك النائب في البرلمان كادياتا جاللو عن قصص أخرى مثل :
شخص ولد في مدينة بوكي فسألوه هل تعرف با سيلي أو زوجته .؟
حينها قلت لو وضعت نفسي مكان أحد هؤلاء المواطنين وتخيلت أني أسأل عن وزير موريتاني فاسد ومرتشي،أو عن نائب في البرلمان  دخل عن طريق انتخابات مزورة هزلية، فلن أجاوب حتى لو كنت أعرفه فإني أرفض أن تكون هذه طريقة إثبات أنني موريتانيا...
كل هذا جعلني أخرج في يوم 30يوليو،2011 في أول تظاهرت لحركة( لاتلمس جنسيتى )،التي تكونت ضد الإحصاء السكاني،حيث رأيت أنا ومجموعة من نشطاء حركة 25 فبراير أنه من الواجب علينا الوقوف ضد الظلم،كذلك أن نسعى الى أن  لا يأخذ ذلك الاحتجاج طابعا عرقيا وفئويا،وأن نحاول خلق رأي عام ضد كل تمييز يمارس بحق أي مواطن أو عرقية.
خروجنا هذا لم يرق طبعا للكثيرين من العنصريين العرب والزنوج،فالعرب اتهمونا بالعاملة  للخارج والخيانة وأن معارضتنا لنظام الجنرال عزيز جعلتنا نخون شريحتنا ووطننا،والزنوج لم يفهموا أن هناك بشر لايعترفون بالطائفية ويطالبون بدولة المواطنة،التي لاتفرق بين المواطنين،ولم يرق لهم أن يكون هناك من يطالب بسقوط النزعات العنصرية التي يروجون لها،وفعلا تعرض بعض النشطاء لاعتداءات أثناء الاحتجاجات،المهم واصلنا الخروج مع حركة (لاتلمس  جنسيتي) رغم قلتنا إلى أن تغيرت الطريقة المتبعة في الإحصاء،وتوقفت الأسئلة المستفزة، وكنا طلية تلك الاحتجاجات الصوت العربي الذي ينقل أخبارها ويشرح أغراضها ويحاول أن يكافح الخطاب العنصري،الذي دأب النظام والعنصريين ترويجه بين المواطنيين،واليوم وبعد أكثر من سنة ونصف على انطلاق تلك الاحتجاجات توطدت علاقة النشطاء في الحركتين وأصبحت النقاشات تتعمق ممانتج عنه:
  -أن حركة لاتلمس جنسيتي بدأت تتحدث عن مواضيع أكثر وتطرح طرحا أشمل.ولم تعد تتحدث عن الإحصاء فقط ،كذلك وبسبب نقاشات نشطائها مع شباب 25 فبراير فهمت أنها لايجب أن تظل تخاطب نفسها وشريحتها،وبدأت باستخدام العربية بشكل أكبر في انشطتها من أجل إسماع صوتها إلى العرب وشرح وجهة نظرها لهم،وعدم تركهم لتضليل وسائل الإعلام العنصرية.
اقتنعت كذلك أن أي حراك فئوي لن يحقق نتيجة وخرجت مع شباب 25 فبراير في الذكرى الثانية لانتفاضة فبراير للمطالبة بالدولة المدنية،وتشاركت معه في بيانات ومواقف عدة.
-أما بالنسبة لنشطاء حركة 25 فبراير فقد تغير من كان منهم لديه أفكار نمطية عن مطالب الزنوج وأصبح يفرق بين العنصري والمطالب بالحق .
بعد تجربتي ورفاقي مع احتجاجات لاتلمس جنسيتي تأكدت أنه هناك جدار صلب مبني بين مكونات الشعب الموريتاني،وتغذية مستمرة للعنصرية من قبل المتطرفين العرب والزنوج ،يستغلون فيها عدم وجود احتكاك فعلي بين العرقين ويبثون خطابهم المسموم  الهادف إلى مزيد من التنافر، وأنه علينا كطلائع ثورية تطالب بدولة المواطنة أن نحاول كسر هذا الجدار الوهمي بالتفاعل والتشبيك مع بعضنا،وخلق حالة من اللحمة الوطنية وجبهة تكافح العنصرية،فالتغيير لا يمكن أن يصنعه فصيل ولا عرق واحد فهو عمل جماعي، فموريتانيا أجمل بتنوعها .