الاثنين، 23 يناير 2012

تتجه موريتانيا إلى اتفاق تونس أو الثورة على العسكر؟/أحمد ولد جدو


في هذه الأيام وأنا أطالع المواقع الإخبارية الموريتانية لفت انتباهي سيطرت أخبار الاحتجاجات في موريتانيا على العناوين الرئيسة.
فمرة كان في أحدها خمس عناوين رئيسية في نفس اليوم تتحدث عن وقفات احتجاجية اثنتان منها أمام البرلمان  .
مما يوضح درجة الغليان التي وصلت إليها موريتانيا وقدر الحنق الذي بلغه الموريتانيون,و امتعاضهم من الظلم الممارس عليهم من النظام العسكري .
هذه الحالة الجديدة لموريتانيا تجعلنا نفكر في مستقبل موريتانيا  ؟و إلى أين تتجه؟

اتفاق تونس :
نجد اليوم استقطاب حاد بين أحزاب المعارضة الموريتانية والنظام الحاكم ,فهي تحشد جماهيرها في مدن الداخل وتصعد اللهجة والخطاب ,و أصبحت تدعوا بوضوح إلى إسقاط النظام  .
والنظام من ناحيته يحاول تجميل صورته بوضع بعض مساحيق التجميل, من مؤتمرات دينية تدعوا لمحاربة التطرف, ومشاركة لرأسه في محافل ثورية  -مشاركة عزيز في احتفالات التونسيين في الثورة التونسية -,وكذالك يجند ترسانة من العلماء لتجريم الثورة والخروج على النظام وتشويه الثورة العربية .
وكذالك يحاول تجاهل المعارضة وخلق معارضة حسب مزاجه ومقاسه, وذالك عن طريق الأحزاب التي دخلت معه في حواره المجزوء  المقاطع من أهم أحزاب المعارضة .
هذه الحالة تذكرنا بالحالة التي تلت انقلاب الجنرال محمد ولد عبد العزيز على الرئيس المدني سيدي ولد الشيخ عبد الله  .
والتي تمخضت عن اتفاق" داكار" الذي ظل حبر على ورق وكان فرصة لولد عبد العزيز ليضفي شرعية على نظامه العسكري  ,وصفعة لتجربة موريتانيا الديمقراطية الوليدة .
واليوم قد تفضي احتجاجات وتصعيد المعارضة إلى الدخول في   حوار   جديد من نوع " دكار" قد يعقد في تونس بما أنها عاصمة" الثورة العربية" أو أي بلد أخر  .
اتفاق يفضي بتقديم الجنرال وعود  جديدة  للمعارضة ويخفف درجة الغليان ويحاول أن يؤخر دخول موريتانيا في  الربيع العربي
.
لكن هذه الخطوة ستكون بمثابة الانتحار السياسي للمعارضة الموريتانية-وهي العارفة بالجنرال -, فقد جربت وعوده الزائفة في دكار ,و تفننه في نقض العهود واحتقار الاتفاقات  , وستعيد موريتانيا إلى المربع الأول  .
الثورة :
اليوم نلاحظ تعدد الجبهات المفتوحة على الجنرال ولد عبد العزيز ...فشباب 25 فبراير المطالب بالتغيير وزوال حكم العسكر .
والذي كان له الدور الأكبر في حالة الاحتجاج التي يشهدها الشارع الموريتاني ,فبفضل تحركاته وصموده استطاع زرع ثقافة الاحتجاج في موريتانيا , بدأ يعود إلى الميدان ويتوعد النظام.
وحركة" لاتلمس جنسيتي " تتوعد من ناحيتها, وهي التي تمثل الزنوج الغاضبين من حالة التهميش التي يقول زنوج موريتانيا أنهم يتعرضون لها.
والإخوان  المسلمون يصعدون اللهجة ضد النظام ويطالبون بإسقاطه وذالك عن طريق فعالياتهم ونقاباتهم وكتابهم والعلماء المحسوبين عليهم .
والطلاب الجامعيون يخططون الآن  للتحرك من أجل المطالبة بالحقوق وتحسين أوضاعهم .
وأصحاب المظالم كذالك يتظاهرون بشكل يومي من أجل حقوقهم فوقفاتهم أصبحت روتينية و يومية . ومبادرة الحركة الإنعتاقية في موريتانيا  (إيرا)المناهضة للرق , بدأت كذالك  تتحرك  بقوة وتفضح النظام وتصعد اللهجة وتطالب بإسقاطه  .
وأنصار ولد الإمام الشافعي الذين التفوا حوله بعد أن قام النظام بإصدار مذكرة توقيف دولية في حقه واتهامه بالإرهاب.
 و المجموعات الموريتانية  المتضررة من النظام والتي تشعر اليوم باستهداف نظام الجنرال لها ومحاولته تصفيتها .
والأحزاب السياسية الرافضة للحوار والتي تعتبر أن الجنرال يختزل البلد في شخصه ويريد أن يكون الجميع غنم في قطيعه ,بدورها بدأت  تطالب بإسقاطه ودخلت معه في صراعات قوية ,وكذالك بدأت تحشد جماهيرها  وتهدد بالثورة  .
كل هذه الجبهات المفتوحة الآن على الجنرال إن توحدت ودخلت في تنسيق جاد مبنى على مصلحة موريتانيا قد تكون نواة مهمة للثورة في موريتانيا.
وسيساعدها في ذالك" الكره "الذي أصبح يحمله الشعب الموريتاني للجنرال عزيز خاصة الفقراء منهم .
فالرجل بعد انقلابه على الرئيس المدني سيدي ولد الشيخ عبد الله   قد م الوعود العظام للشعب  الموريتاني-خاصة فقرائه -,وقدم نفسه على أن  أنه رئيس الفقراء ومحارب المفسدين .
وهو الأمر الذي تبين زيفه ففي عهد سحق الفقراء بزيادة الأسعار, وضعف الرواتب, وامتهان الكرامة, وفي عهده نزعت منهم أراضيهم وحوربوا في قوة  يومهم .
فاليوم أصبح الدفاع عن الجنرال جريمة وفعل فاضح   ونوع من إشاعة الفاحشة في الشارع الموريتاني .
وكذالك جاءت "غزوة "ابنه بدر والحديث عن ضلوعه في قتل إحدى المواطنات لتزيد درجة كره الموريتانيين للجنرال "عزيز" .
والآن يمكن أن نقول أن  موريتانيا مقبلة إما على ثورة تنتشلها من براثن حكم  العكسر  وتخلصها من ذئاب العصابة التي تحكمها  ,ثورة تنقلها إلى الديمقراطية و الإنعتاق ودولة المؤسسات ,أو سوء تقدير جديد من المعارضة يوقعها من جديد في فخ الجنرال وتدخل معه في حوار يعطيه شرعية مؤقتة ويخفف عنه الاحتقان والضغط ,ويؤخر الثورة القادمة لا محالة ,والتي إن تأخرت قد تكون ثورة جياع ,وانتقام طبقي , وثورة حقد ..
موريتانيا مقبلة على تغيير جذري يساهم فيه الكل أو حوار يعيدها إلى المربع الأول.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق