أصبح مجرد ترك النفس تسرح في عالم الأحلام والطموح أمر يثير السخرية والتندر ،فعالمنا البائس الكسيح و واقعنا المتردي المهترئ العبثى لا يترك لنا مجالاً للحلم و التوق لغد أفضل و عالم أجمل ...فصارت كل الوقائع و الأحداث تصب في نهر العدم وتغذي شريان حياة حزب العدمية ،وتخبرنا بأن الانصهار فيه هو الحل ...فلا أمل ولا أفق ...ولكن لن أستسلم لهذا الواقع الأليم و المحبط ،ولن أرفع الراية ،ولن أترك مداعبة حلمى ،و لن اتعب من ملاحقته ... فسأظل أحلم بوطن تسود فيه العدالة الاجتماعية ودولة القانون والمؤسسات وتقدس فيه المواطنة وقيمها ...وطن تصان فيه للمواطن كرامته، و لا يخاف أن تدوسه رجل الطغيان والظلم والجهل المقدس وتجرفه تيارات الأفكار الرجعية و تصيبه بالبلادة وضمور العقل وتصحر الفكر...وطن يتم التداول فيه على السلطة عن طريق صناديق الإقتراع لا الانقلابات العسكرية والحركات التصحيحية الوهمية...وطن لا يعبث فيه الجيش بالسياسية و لا يحارب من أجل أن يصنع تفاصيل مشهدها بل يرابط في الثغور لحماية الدولة من صولات البغاة ...وطن لا مكان فيه لتحكم ذلك الشيخ الجاهل بأحكام العصر و متطلباته ولا تساق فيه الجماهير كالطعان ...وطن يتخرج فيه الطالب من الجامعة وقد تلقى ما يساعده على المساهمة في بناء الدولة و يعرف أن المحسوبية والوساطة لن تمكن أي كائن من اختطاف حقه في العمل ...وطن يحتفى بنخبه ولا يلفظها كما يلفظ الجسم الفضلات والقذارة ...وطن لا مكان فيه للاستبعاد والاستغلال ...وطن متصالح مع ذاته واختلاف مكوناته ولا تحاك فيه المؤامرات من إجل اقصاء فئة من الشعب أو استئثار أخرى بخيرات الدولة ...وطن نتقاسم فيه كل التفاصيل الجميلة ونثرى تنوعنا ونحوله إلى مصدر قوة و ليس سببا في النزاع والاقتتال .
ومن أحلامى التى لا تعرف حدوداً ولا يخجلنى ذكرها بل أفرح بكشفها ،أن اتنقل بين الأقطار العربية من دون تأشيرة دخول ،ولا خوف من مضايقة رحل الأمن المتخوم من قمع المواطنين ونهب ثروات البلد ...و أن أعيش حتى أسمع أن الحروب الطائفية فيه قد تحولت إلى مواثيق سلام ومحبة ،وأن العرب قد أيقنوا أن هناك شيء غير العنف و أنهار الدماء ،وأن اضطهاد الأقليات أمر يهدم استقرار الدول ويقضى على مستقبلها وينافي الانسانية وقيمها المتسامحة ،وأن أنصار حزب مجانين القتل والدمار قد هزموا وسدنة معبد الكراهية قد تبخروا و تلاشت اًثارهم في فجوة زمنية سحيقة ،وأننا دخلنا زمن التفكير و ودعنا عصر التكفير والانحطاط والاحتفاء بالجهل .
ومن طموحاتي أيضا أن ينتصر التنوير ورسوله في كوكبنا و ترتقى البشرية و تسمو على الاعتبارات الضيقة ،وتسحق العنصرية بكل تجلياتها وتمثلاتها البغيضة ،و تتخطى تفاصيل الدين و العرق والجندر .
هذا مايخالجنى و لتقولوا أنها مجرد أضغاث أحلام لكنها تقنعنى وسأحارب من أجلها ،وتندركم مجرد مصاعد ترفعنى في الطريق إلى الحلم .
المجد للانسان .