‏إظهار الرسائل ذات التسميات حقوق إنسان. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات حقوق إنسان. إظهار كافة الرسائل

الخميس، 15 أكتوبر 2015

حمى الوادي المتصدع: لاجديد فالعصابة تستمتع!!

صورة من مستنقع في نواكشوط نشرتها صفحة جمعية الارادة
أعلنت وزارة الصحة الموريتانية في بيان أصدرته" يوم الأحد 15 أكتوبر 2019"، أنه حدثت حالة وفاة واحدة بسبب حمى الوادي المتصدع وأن الوضع تحت السيطرة، وأن كل من يتحدث عن تفشي الحمى النزيفية في الدولة مجرد مغرض ويريد تسيس الحمى، وأكد وزير الصحة بعد ذلك أنه حدثت أربعة  حالات وفاة بسبب حمى الوادي المتصدع. يذكر أن بيان الوزارة وتصريح الوزير حدث بعد صخب وضعط  حصل على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث ندد المدونون والنشطاء بتعامل الحكومة الفاتر مع معاناة المواطنين ومحاولتها حجب المعلومات وتضليل المواطنين وعدم اكتراثها بصحتهم،  حيث لم تقم بحملات توعية ولم تستنفر طواقم من أجل مساعدة المواطنين، استطاع المدونين  احراج الحكومة، عبر هاشتغ #بلد_ينزف،  وقد نظموا وقفات أمام وزارة الصحة أعتقل على اثرها 12 ناشطا ولا يزال منهم خمسة منهم رهن التوقيف، وثلاثة غير معلومي المكان وتم قمع من تضامن معهم.
تجد الإشارة إلي أن المستشفيات تعاني منذ أشهر اكتظاظا شديدا بالمرضى المصابين بحمى الضنك وقد تحدث أطباء عن تفشي حمى الضنك وظهور حالات من حمى القرم الكنغولية وحمى الوادي المتصدع. وقد ظهرت رسالة مسربة أرسلتها وزارة إلي الصحة منظمة الصحة العالمية، جاء فيها أنه حدث ثمانية حالات وفاة بسبب حمى الضنك وأن تلك الحمى وجدت في ثلاثة عشر مقاطعة، وهو ما يناقض تصريحات الوزير وبيان وزارة الصحة ويدعم كلام النشطاء.
مهلا، سمعتك أيها المستغرب، أنا لم أخطئ في كتابة التاريخ وكان عن قصد فالخبر سيتكرر سنة 2019 وبنفس التفاصيل... الاهمال سيظل سيد الموقف ما دامت  العصابة تتحكم في دولتنا،  وتعتمد على ضعف ذاكرتنا وموسمية تذكرنا وسكوت بعضنا ورضوخه، فصمتنا هو سر قوتها، مثلا، هل جد جديد في قضية الصرف الصحي والمستنقعات المسبب الأول لتفشي البعوض المسبب  لحمى الضنك وغيرها من الحميات؟، لا لم يحدث شيء، فمدينتنا لا زالت تكره المطر والمستنقعات تستوطن عاصمتنا المكلومة، وهل طرأ تطور في قضية انقطاع الكهرباء التي تقول العصابة أننا أصبحنا مصدرين لها؟.
هل حدث تحسن في معاناة المواطنين العطش؟، وهل حدث تطور ولو طفيف في ترسيخ دولة القانون؟.
عذرا، لقد جد جديد ومن اللازم ذكره وهو تحول العصابة من سياسية احتقار المواطنين داخليا ونهب الوطن وبيعه بالقطعة والجملة إلي بيع جنودنا للقتال من أجل عيون  عائلة آل سعود  ولدعم جرائمها في اليمن. هذه العصابة لا تتواني عن أي خسيسة وكل يوم تخرج لها فضيحة وقد فاحت رائحتها حتى وصلت شرطة الأسواق المالية ووزارة العدل الأميركيتين، حيث قال  تحقيق  نشرته صحيفة لموند الفرنسية، متعلق بفساد شركة كينروس تازيازت التي تستخرج الذهب الموريتاني، أن هناك مقربين من الجنرال ولد عبد العزيز متورطين في فساد الشركة  وسيطالهم تحقيق شرطة الأسواق المالية، بل قال التحقيق:" أن لائحة هيئة الأوراق المالية ترسم خريطة السلطة في موريتانيا، نظرا لأن هذه الشخصيات تشكل عمق بطانة الرئيس".

العصابة ليس في نيتها أي اصلاح وديدنها هو النهب وبدون التحرك بجدية من  أجل تنظيف وطننا منها، سنقرأ خبر" تعديل الدستور" وبقاء الجنرال ليواصل نهبه للوطن واحتقاره للمواطن، وستتكرر المآسي تباعا.

الثلاثاء، 2 يونيو 2015

حول مدرسة حوكمة الإنترنت في تونس

من المدرسة

كانت الفترة ما بين الخامس والعشرين والتاسع والعشرين من شهر إبريل 2015، مثمرة وغنية جدا بالنسبة لي، حيث غصت في بحر حوكمة الإنترنت، وذلك أثناء مشاركتي في مدرسة حكومة الإنترنت  لدول الشرق الأوسط والدول المجاورة، التي عقدت في تونس والمنظمة من طرف الأيكان وجمعية تونس للإنترنت.
من ما تناولنا..                                    
كانت الحوكمة بالنسبة لي هي سياسات الإنترنت وقوانينها وحرية التعبير وحقوق الانسان فيها، أو على الأقل هذا هو الجانب الذي يسيطر على اهتمامي، وقد أبحرت من خلال مدرسة الحوكمة في جانب اَخر من الحوكمة، وهو الجانب التقني، مثلا تعرفت بشكل أكبر على منظومة أسماء نطاقات الإنترنت، نطاقات المستوى الأعلى لرموز الدول (ccTLD)و نطاقات المستوى الأعلى العامة (GTLDS) ونطاقات المستوى الأعلى الدولية(IDNs)، حيث قدم لنا الأستاذ فهد بطاينة من الإيكان، عرضا حول هذا العالم، وتطوراته، ويسعدنى أن أقاسمكم  الرابط التالي، فبه مقالة وافرة وشارحة لهذا العالم.
تعرفت كذلك بشكل أعمق على ميثاق(بروتوكول) الإنترنت الإصدار السّادس IPV6، حيث حضر بدوره بقوة في المدرسة، و IPV6 هو تطوير لميثاق الإنترنت الإصدار الرّابع IP. .
حضرت أيضا إنترنت الأشياء في جلسات المدرسة، حيث تضمنت جلسات المدرسة جلسة حول إنترنت الأشياء، وهي:

" مجموعة من الأجهزة الرقمية الذكية المتصلة فيما بينها عبر احد البروتوكولات المعروفة مثل: الواي فاي، البلوتوث… تُرسِل وتستقبل المعلومات فيما بينها، دون اعتماد على البشر في أمدادها بهذه المعلومات بل الحصول عليها من الوسط الخارجي عبر الحواس الاصطناعية أو ما يعرف بـ المستشعرات الرقمية. انترنت الأشياء مصطلح تقنى انتشر في العالم الرقمي وكذا العالم المادي، وكان أول ظهور لهذا المصطلح في بدايات القرن الواحد والعشرين بالتحديد في سنة 1999م، على يد العالم البريطاني كيفن أشتون الذي كانت فكرته ان يتم ربط بعض الأجهزة الرقمية التي توجد حولنا كـ الأدوات الكهرو منزلية بطريقة تسمح لنا بمعرفة حالاتها ومعلوماتها الدقيقة دون الحاجة الى أن نكون بالقرب منها".
وحسب الاتحاد الدولي للاتصالات فإن إنترنت الأشياء:
 "بنية تحتية عالمية لمجتمع المعلومات تُمكن من تقديم الخدمات المتقدمة عن طريق الربط (المادي والفعلي) بين الأشياء، استناداً إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الحالية والمتطورة القابلة للتشغيل البيني." .
 أمور أخرى..
ناقشنا في المدرسة أيضا مواضيع أخرى، مثل الحقوق الرقمية، حيث سير محمد نجم من لبنان ورشة حول هذا الموضوع، وكذلك تمت مناقشة قانون الجرائم الإلكترونية  في مصر، الذي عرضه مجلس الوزراء على  عبدالفتاح السيسي. حيث حاول المشاركون في المدرسة تقديم مقترحات لتحسين بعض مواده، وكذلك، حضر نقاش كيفية التعامل مع الجماعات الإرهابية على الإنترنت، وإشكالية حجب المحتوى وحيادية الشبكة، وأيضا، كان من ضمن محاور المدرسة عرضا حول تاريخ شبكة الإنترنت، حيث قدم لنا الأستاذ فاروق كمون من تونس، عرضا تاريخيا لهذه الشبكة، ومن الطرافة أن أول رسالة على الإنترنت هي:" lo"َ!. وهنا رابط مباشر للمادة التعلمية للمدرسة.



على الهامش
القضايا التقنية التي تضمنت المدرسة، جعلتني أتذكر معضلتنا الأزلية وهي ضعف المحتوى العربي على الإنترنت، خاصة في جانبه العلمي والتقني، وهو ما جعلني أطلب من المشاركين التقنيين أن يحاولوا العمل من جهتهم على إثراء المحتوى العربي على الإنترنت في مجال الحوكمة، وأكرر هذا الطلب لكل مهتم قد يصادف هذه التدوينة.
في الختام، أبعث أغزر التحايا لكل من حضر مدرسة حوكمة الإنترنت ولكل من قابلت في تونس الاستثناء، دمتم. 


السبت، 7 مارس 2015

المرأة الموريتانية على أفضل حال؟


بمناسبة عيد المرأة، أعيد نشر هذا الموضوع الذي كتبت لموقع السفير العربي عن حال المرأة في موريتانيا، ونشر بتاريخ 11/3/2014.

هناك صورة يتم تدوالها بشكل كبير في الإعلام الموريتاني وحتى العربي، وهي أن المرأة الموريتانية من أكثر النساء العربيات حظاً وأحسنهن وضعية في المجتمع. وهناك مؤشرات يستدل بها على ذلك مثل كونها لا تُحرم من السفر لوحدها وليست هناك عمليات اضطهاد ممنهجة تمارس ضدها، وأنها موجودة بشكل جيد نسبيا في المناصب (الحكومة الموريتانية الحالية تضم ست وزيرات)، وهناك نوع من التمييز الإيجابي خاص بالنساء في البرلمان، وكذلك فلا يعتبر طلاق المرأة عار في موريتانيا .
وهذه الأمور موجودة فعلا في موريتانيا (مع بعض التضخيم!)، لكنها لا تمثل كل تفاصيل الصورة. فالمرأة الموريتانية تعاني من موجة إرهاب شديدة تسبب لها الذعر: معدلات الاغتصاب ترتفع بشكل مطرد، وحالات تعنيفها تتزايد، وتعاني كذلك الزواج القسري المبكر والقوانين لا تحميها بالقدر الكافي.
القانون ضعيف في مواجهة المغتصبين

تتصاعد النقاشات حول تقصير القانون الموريتاني في حماية المرأة من شبح الاغتصاب وكل أشكال تعنيفها، بل تتعدى إلى اتهام القانون بالتواطؤ مع المغتصب وجعل المرأة هي المتهم الرئيسي في القضية. وتوجه انتقادات قاسية للمواد المتعلقة بالاغتصاب في القانون الجنائي الموريتاني، ويتهمها النشطاء بالضبابية وعدم الوضوح وحتى بالضعف. وهذه المواد هي المادتين 309 و 210، حيث تعاقب الأولى المغتصب بالأعمال الشاقة الموقتة من دون تحديد الفترة، أو الجلد (موريتانيا لا تطبق الجلد ولا الحدود)، وتغلظ العقوبة في الثانية إن كان الجاني من ذوى الأرحام حيث يتم رجمه .
وتعتبر الكثير من المنظمات الناشطة في مجال حقوق الإنسان والدفاع عن قضايا المرأة أن هاتين المادتين تنتصران للمغتصب على حساب الضحية بل وتساهمان في انتشار ظاهرة الاغتصاب، حيث ان المغتصبة تفضل السكوت على التبليغ (90 في المئة من المغتصبات يفضلن السكوت) لأن التبليغ لن يجر لها سوى الفضائح، وعقاب الجاني ضعيف إن تمّ، فهو في أغلب الأحيان لا يعاقب. وتنتقد كذلك المنظمات طريقة تعامل القضاة مع قضايا الاغتصاب، فمثلا أول سؤال يطرح على الضحية: ما هو نوع ثيابك أثناء الاغتصاب، ولماذا خرجتي، وفي أي وقت... ما يضع الضحية في قفص الاتهام. وترى العديد من المنظمات أن القانون الجنائي الموريتاني لا يعترف أصلا بجريمة الاغتصاب ويخلط بين مفهوم الاغتصاب والزنا. وترى أيضا أن الشروط التي يضعها القانون من أجل إثبات حالة الاغتصاب مستحيلة، وهي اعتراف الجاني أو شهادة أربعة شهود. فالقانون الموريتاني لا يلجأ إلى فحص الأحماض النووية (ADN) ولا يعتمده إطلاقاً.
أمام هذه الحالة، بدأت بعض المنظمات في الآونة الأخيرة بالخروج إلى الشارع والاحتجاج أمام قصر العدالة ووزارة العدل والداخلية والقصر الرئاسي في نواكشوط من أجل المطالبة بتغليظ عقوبة الاغتصاب وتوفير الحماية القانونية للمرأة.
زواج القاصرات وضبابية القانون

من بين المشاكل المطروحة كذلك للنقاش زواج القاصرات، حيث تنشط عدة منظمات حقوقية ومبادرات موريتانية ضد هذه الظاهرة، مثل "مبادرة منع زواج القاصرات" و"رابطة النساء معيلات الأسر" و"مبادرة تكلمي". وتنوه هذه المنظمات باستمرار بخطورة الحالة على المجتمع وعلى مستقبل البلاد، وتقول إن زواج القاصر خطر على صحتها ومستقبلها الدراسي، وأنه هو السبب الأساسي في ارتفاع معدلات الطلاق في موريتانيا والتي وصلت إلى 73 في المئة من الزيجات. وتتهم هذه المنظمات القانون بالتحايل على الاتفاقيات الدولية. فرغم أنه حدد سن الزواج بـ 18 عاما إلا انه ترك ثغرة في حيث وضع استثناءا في مدونة الأحوال الشخصية يقول انه يسمح لوكيل القاصر بتزويجها في سن 16 في ظروف خاصة، من دون أن يحدد تفاصيل الظروف تلك، ولا أن يشرح آليات ومعايير هذا الاستثناء. إلا ان موقف الرافضين لزواج القاصرات يسبب الإزعاج للقوى المحافظة في المجتمع الموريتاني، حيث يرون أنه طعْن في السنة النبوية، وفي الشريعة الإسلامية.
بين الواقع والصورة المروجة

المرأة الموريتانية هي جزء من الحالة العامة لموريتانيا، حيث ان كل الأمور فيها شكلية ولا تتعدى الحبر على الورق. فالقانون لا يطبق أساس في البلاد وليس هو وسيلة حل النزاعات، وكذلك الضبابية تكتنف أغلب مواد القانون الجنائي ولا يقتصر ذلك على القوانين المتعلقة بالمرأة، والحكومات الموريتانية المتعاقبة تقوم ببعض الإجراءات الشكلية من أجل تحسين صورتها أمام الدول الغربية، مثل تعيين وزيرات والقيام بتمييز شكلي في البرلمان لمصلحة النساء، لكن الوزرات التى تعطى للنساء غالبا ما تكون عديمة الأهمية والبرلمان الموريتاني كذلك لا يعدو كونه مكان لالتقاط الصور في دولة لا تشهد استقراراً سياسيا، وحيث وسيلة تداول السلطة هي الانقلاب.
لكن في الوقت نفسه، يرى بعض المراقبين أن المرأة الموريتانية مقصرة كثيراً في حق نفسها، فنضالاتها من أجل حقوقها خجولة، الى حد أن النساء المناضلات في مجال حقوق المرأة يجدن أن أكبر العوائق أمامهن هي المرأة نفسها !

الثلاثاء، 17 فبراير 2015

الزويرات:معركة العمال من أجل الكرامة

من نشاطات العمال الاحتجاجية

تصيبني رتابة المشهد السياسي المحلى وضحالة الطرح صاحب الصوت الأعلى فيه بحالة من عدم اللامبالاة المؤقتة،فلا أكترث كثيرًا به ولا بشخوصه ولا بأحداثه المجترة، فلا جديد فيه يستحق التفاعل أو المشاركة بشغف فلم يعد للمصطلحات ولا المواقف أي قيمة لكثرة لعكها من قبل الانتهازيين الذين يتبارون في تشويه أي جميل، فقد دأبوا على تمييع الأشياء، فلم يعد للحوار ولا للمواثيق قيمة لكثرة نقضها، وهناك نجاحات في مسيرة المحاولات الحثيثة لتحويل مفهوم النضال إلى مجرد وسيلة قذرة لتحقيق مصلحة ذاتية جدًا على حساب طموحات وحقوق الشعب والكادحين.لكن، حالة اللامبالاة التي ذكرت سالفا وأكدت أنها مؤقتة تغادرني حين أجد مشهدًا يستحق التفاعل بل الانغماس فيه وخدمته، ومن اَخر النسمات الجميلة التي دخلت مسام عقلي، قضية إضراب عمال سنيم في مدينة الزويرات شمال موريتانيا.
لنتحدث إذن عن تلك الملحمة الحقيقية

بدأت ملحمة عمال الزويرات في 30 جانفي 2015، وذلك بعد أن سئموا من وعود مدير الشركة الوطنية للصناعة والمناجم(سنيم) وبعد أن اتضح لهم أنه قرر أن ينكث بكل تعهدات الشركة، وكانت الشركة قد وقعت مع العمال تعهدًا يقضي بزيادة رواتبهم ومن المفترض حسب الاتفاق أن يبدأ التنفيذ في أكتوبر 2014 لكن الشركة لم تفى به وهو ما جعل العمال يدخلون في إضراب مفتوح و ينزعون نحو التصعيد، وقد نجح العمال في خلق حالة من التضامن مع قضيتهم  رغم التعامي الإعلامي الواضح الفاضح ومحاولات الشركة أن تعطى صورة مغلوطة عن الإضراب عبر شراء وسائل الإعلام المحلية.
نجح مناديب العمال أصحاب فكرة الإضراب في إقناع أغلب رفاقهم  بضرورة الانخراط في الإضراب وقد وصل عدد المشاركين فيه إلى 3886 عمالاً من عمال الشركة من أصل 4500 عاملاً(الرقم هو عدد عمال الشركة في مدينة الزويرات وليس العدد الإجمالي لعمالها)،تم ذلك رغم كل الضغوط السياسية والقبلية، وكذلك رغم قيام الشركة بتهديد كل العمال العقوديين في الشركة بالفصل حال استمرارهم في الإضراب،إلا أن ذلك لم يزد العمال سوى إصرارًا على مواصلة الضغط،وقد أدت تلك الخطوة إلى مسيرة تضامن حاشدة من قبل العمال والمجتمع المحلى وماتزال  إلى اليوم مدينة الزويرت مكانا للمسيرات الحاشدة المتضامنة مع العمال، في المقابل، قام عمال شركة سنيم في مدينة نواذيبو بوضع إخطار يقضي بتوقيفين عن العمل يومي 25 و26 فبراير، والدخول في إضراب مفتوح حال عدم الاستجابة لمطالبهم،ومن بين مطالبهم:
ـ زيادة الأجور وفقا لاتفاقية الزويرات في 3 مايو 2014.
ـ إدخال علاوات الإنتاج منذ بداية السنة.
ـ دفع راتب شهرين للمتقاعدين تعويضا عن تأخر الزيادة المقررة في مايو 2014.
يحدث هذا في ظل تجاهل من قبل الشركة الوطنية للصناعة والمناجم فلم تكلف خاطرها في دخول حوار مع العمال أو تطيب خواطرهم ولو بشطر وعد جديد وتصر على  أنهم مجرد عمال متسيسون وأن عمل الشركة لم يتأثر، وتفضل رشوة بعض المواقع الألكترونية للتعتيم على الإضراب وتشويه المضربين، والقول أن الإضراب غير قانوني،لأن الموقعين عليه ستة مناديب من أصل أربعة عشر ورغم أن عدد المناديب الموقعين حاليا على الإضراب هم ثمانية ويرفضه ستة فقط،وفي حديث جرى بيني وبين محمد ولد أحمد زروق أحد العمال المضربين، قال لي أن العمال يريدون فقط أن يتم الالتفات لمطالبهم وما يغضبهم هو حالة التجاهل المتعمدة من قبل الشركة.
المفارقة في القضية هي أن شركة سنيم قدمت قبل فترة ليست بالطويلة قرضا بقيمة بلغ 15 مليار أوقية لشركة النجاح الخاصة التي تشرف على بناء مطار نواكشوط الدولى وذلك بعد تعثر الأخيرة في التزاماتها نحو الدولة الموريتانية، وهو ما يجعلني أطرح التساؤل التالي أيهما أولى بالرحمة شركة رأسمالية تفشل في تعهداتها للدولة أم عمال بسطاء يكدحون من أجل لقمة عيشهم؟

خلاصة

قضية عمال سنيم  ومثلها من النضالات العمالية هي الواقع الملموس  وطريق التغيير والتعبير الصادق عن واقع الشعب أما بقية الأحاديث التي تجري في الصالونات والمكاتب المكيفة فلا تعدو كونها جلسات بين مترفين لتقاسم الأدوار في النصب على الشعب، فدعم نضالات العمال أولى، فالعمال هم أكثر فئات طبقة الكادحين بل الشعب قدرة على لعب دور مؤثر في عملية التحرر من الظلم والإقطاع والفساد وتحكم العصابات في شؤون الدول، لذلك نضالهم صادق وحقيقي فهم مرتبطون بعقد أزلى مع عملية الانتاج التي تقوم عليها الدول واقتصادياتها وهم  أصدق تعبير عن واقع الأسرة واحتياجاتها، ولا ينتفضون إلا حين يفيض بهم الكيل وحين ينتفضون فيعني ذلك أن الوضع لم يعد يطاق وأن ساعة التغيير قد اقتربت، المجد للعمال.

الأحد، 10 أغسطس 2014

موريتانيا:الفقراء في مواجهة العلماء!


الأحياء العشوائية والفقر صفات تلاصق العاصمة الموريتانية نواكشوط،وقصص سكانها هي الأكثر حضوراً في النقاش المجتمعي،وهذا الأمر يلاحظ جليا عند المرور بالقصر الرئاسي،الذي تحول في السنوات الأخيرة إلى حائط  مبكى لفقراء نواكشوط.
حيث يشهد محيطه إعتصامات شبه دائمة من طرف سكان الأحياء العشوائية المتضررين من عدم تخطيط  وتأهيل أماكن سكنهم أو من نزع الدولة لأراضيهم أو من تحكم النافذين الذي يتسبب في تشريدهم،فقصصهم مع المعاناة كثيرة ومؤثرة،لكن أكثر قصص هؤلاء السكان جدلاً هي قصة سكان منطقة مايحشم في حي قندهار( التسمية تعني بالعربية “لا يستحي”)،حيث يشكوا سكانها من قيام الإدارة بسلبهم أرضا كانوا يستغلونها للزراعة منذ ثلاثين عاما، وقامت بمنحها لرابطة العلماء والأئمة الموريتانيين،ويقول السكان إن الدولة قامت باعطائهم حق استغلال تلك الأرض سنة 1984 ومنذ ذلك الزمن وهم يعيشون في خيرها،وتخلل تلك الفترة صراعات مع متنفذين كانوا يريدون الاستحواذ عليها،كان اَخرها سنة 2007 ،حيث انتصر السكان عبر القضاء الذي أكد أحقية السكان بالأرض.
لكن في الفترة الأخيرة جاء بعض الأئمة والعلماء وقاموا بعمليات نهب وهدم وتدمير في الأرض المذكورة وتم الأمر تحت غطاء الحرس الوطني،وحين إعترض سكان حي “ماتحشم ” على اتلاف أرضهم تم قمعهم بقسوة من طرف الحرس ،مما خلف بيهم إصابات بالغة،ويطالب السكان بالانصاف وعدم السماح للأئمة والعلماء بطردهم من أرضهم،ويعتبرون إن طردهم يعني القضاء على مستقبل 80 أسرة تعيش على خير تلك الأرض.
المختلف في القضية هو أن أحد أطرافها هو رابطة العلماء والأئمة الموريتانيين التي تمثل رجل الدين الموالي للنظام وليست مجرد قصة نافذ يريد زيادة أرباحه وأملاكه على حساب الفقراء،وهو مأزق جديد لرجل الدين في موريتانيا،حيث يظهر في صفة المغتصب المحارب من أجل هضم حقوق الفقراء،بعد أن فقد الكثير من رصيده في عمليات تملقه الشديد للنظام،فهذه الرابطة سبق و أن طالبتالجنرال ولد عبد العزيز بالترشح لمأمورية ثانية وقدم أعضائها وصلات نفاق أزعجت الكثير من النشطاء الموريتانيين على الشبكة، وعلقوا باشمئزاز حولها و هو نفس ماحصل حين أعلن وزير التوجيه الإسلامي الموريتاني ولد النيني عن لقب جديد للجنرال عزيز ،وهو رئيس الإسلام،مما أثار موجة امتعاض كبيرة من الكلمة واللقب،الرجل الذي تتهم وزارته بأنها أكثر الوزارات فساداًَ،رغم كونه عالم دين يقدم المحاضرات حول قيم الإسلام!
تحالف رجال الدين في موريتانيا مع النظام،يفقدهم الاحترام بشكل مستمر بين الأوساط الشعبية وخاصة الشبابية التي ترى أنهم أصبحوا مجرد مبررين لجرائم النظام ونهبه للثروة وإهانته للشعب وذلك مقابل الحصول على بعض فتات موائده الحرام.
المفارقة في القضية أن اسم المنطقة يحمل شحنة امتعاض من قلة الخجل و يبدو أن القدر مصر على جعل سكانها يتصارعون مع فئة في قطيعة تامة مع الخجل!،ويبقى السؤال المطروح،هل خلت نواكشوط من الأراضي حتى لا يجد النظام ما يعطيه لرابطة الأئمة إلا أرضاً يستفيد منها مجموعة من الفقراء؟

السبت، 3 مايو 2014

لمحة عن مشاركتي في منتدى الاسكندرية

جانب من المشاركين في المنتدى (الصورة لصفحة منتدي الاسكندرية على فيسبوك)
طالما تقت إلى عيش لحظات وتفاصيل من الحدوتة المصرية والغوص في جمالها و دفئها ،وانتظرت الأمر طويلاً ،وزاد شغفي بعد هبة المصريين في الخامس والعشرين من يناير واطاحتهم الاَنية بالطغيان، لكن الأمر لم يحدث إلا أنى لم أترك للسأم مكاناً ،وكنت أتمسك برسالة محمد منير في أغنيته "لو بطلنا نحلم نموت" .
وفي السادس عشر من مارس كان الإميل القادم من مصر يخبرني أنه تم إختياري للمشاركة في منتدى الاسكندرية للاعلام المجتمعي ،المنظم من طرف (ألكس أجندة و المعهد السويدي بالاسكندرية )،فبدأت الفرحة تغمرني ،وانتقلت مباشرة إلى مرحلة التحضير للمشاركة الفعالة في الحدث .
وصلت الاسكندرية الساعة الثالثة صباح يوم الإثنين بعد رحلة شاقة التصقت فيها بمقاعد الطائرة والباص لمدة إثنى عشر ساعة ، بدأت الرحلة من نواكشوط مع توقف في الدار البيضاء و القاهرة لينتهى الأمر بالاسكندرية ،حيث المنتدى .الأمر الذي كان كافياً لمنحى جرعة كثيفة من التعب .
بدأت صباح الثامن والعشرين من إبريل أولى جلسات المنتدى ،وأولى لحظات الاحتكاك الحقيقي بالمشاركين وهمسات التبادل المعرفي  .
فكان النشاط عبارة عن عرض حول هيئة كير مع خلفية عامة عن دور الاعلام في المساءلة المجتمعية
،وقد أدار النقاش وحاضر فيه كل من عمرو لاشين و الدكتور رفعت السيد الذي حاول الإجابة على السؤال التالي : " كيف يمكننا معرفة إن كان الجميع يعمل من أجل مصلحة المواطن ؟"
حيث قال :"الإجابة على السؤال الأول هو انتهاج المساءلة المجتمعية وأن يكون المواطن هو من يراقب ويحاسب ويشارك في كل القرارات".

 و قدم لنا مجموعة من الملاحظات والمعلومات حول المساءلة المجتمعية ودورها في الحكم الرشيد والحوكمة و نشر ثقافة الشفافية  ،و كشفت النقاشات التي حدثت أثناء الجلسة بعد تمرين قدمه لنا حول دور الإعلام في المساءلة المجتمعية عن وجود حالة من عدم الثقة في أن وسائل الإعلام العربية تلعب دوراً مهما في ترسيخ ثقافة المساءلة المجتمعية .
بعد انتهاء الجلسة الأولى من المنتدى 
أخذنا استراحة لمدة ساعة ،ثم انتقالنا إلى الورش ،حيث كانت هناك ثلاث ورش عمل متوازية (المحتوى هو الملك القادم -ورشة بناء المنصات الاجتماعية للمؤسسات الاعلامية -ورشة التأكد من المحتوى ) ،فقمت بالانخراط في ورشة التأكد من المحتوى مع لؤي نجانى .
حيث قدم لنا المحاضر في الورشة مجموعة من الأساليب للتأكد من المحتوى ،ولكن أهم مافي الورشة هو العرض الذي قدم حول موقع أبو الهول الذي يديره حيث تتركز فكرته الساخرة على تقديم أخبار كاذبة بشكل مقصود مع تنويه بأن الموقع هو مصدرك للأخبار الكاذبة .وحدثنا عن وقوع مؤسسات كبيرة مثل الجزيرة و bbc  في الفخ ونشرها أخبار من موقعه على أنها حقيقية ،وهو مافتح النقاش حول استسهال بعض الصحفيين ونهمهم لزيادة التصفح على حساب المهنية .تجربة الموقع ونقاشنا ذكرنى بمانعاني في موريتانيا من كذب مواقعنا والحملات الساخرة منها التي يقوم بها النشطاء على الشبكة .
وبعد انتهاء الورش الصباحية أخدنا استراحة ثم انتقلنا إلى مجموعة أخرى من الورش المتوازية وقمت باختيار ورشة حول صحافة الفيديو مع الإعلامي المصري محمد سعيد محفوظ .حيث بدأ الورشة بتقديم صورة بانورامية عن الإعلام الجديد وانتقالها من مرحلة التصفح والنشر إلى التفاعلية ووصلها إلى مرحلة الذكاء والقدرة على فهم المستخدم .وقدم لنا أيضا مجموعة من أسياسيات صحافة الفيديو وفوائدها .
وفي تمام الساعة السابعة كان لنا لقاء مع الفلكور المصري بكل أصنافه وحلقنا مع التنورة و الرقصات والأغاني الصوفية والأغاني الاسكندرانية والرقصات الشعبية المصرية 
وذلك أثناء الافتتاح الرسمي للمنتدى الذي شهد أيضا كلمة لمدير المنتدى أحمد عصمت ،أثنى فيها على المنظمين ورحب بالحضور ،وكانت هناك كلمة لعميد كلية الإعلام في جامعة فاروس حيث ينظم المنتدى وكلمة عن المعهد السويدي بالاسكندرية .
بدأ اليوم الثاني بجلسة نقاش مفتوحة بعنوان تجارب وشهادات :التغطية في مناطق النزاعات مع عبير السعدي -ومحمد فؤاد-ألكسندر بوشانتي.
حيث تحدثت عبير عن تجربتها في تغطية النزاعات وتعرضها لكسر في الفك نتجيته لعملها ،وعن ضرورة وضع اَليات لحماية الصحفيين أثناء تغطيتهم للأحداث اليومية وضرورة نشر ثقافة التدريب بينهم و تحدثت عن الواقع المصري ومايتعرص له الصحفي المصري من مضايقات ،واحتلال مصر للمركز الثالث على قائمة الدول الأكثر خطراً على الصحافة .
وتحدث الصحفي محمد فؤاد عن تجربته في تغطية الثورة الليبية و ماتعرض له من مشاكل أثناء عمله،أما مراسل إذاعة فرنسا الدولية ألكسندر بوشانتي فقد بدأ مداخلته بالهجوم على وسائط الإعلام الجديد ،واعتبر أنها كارثة على الصحافة، وأكد أنه لا يؤمن بقصة صحافة المواطن ،حيث قال :"لا يوجد طبيب مواطن 
لذلك لا وجود لصحفي مواطن وعلى الصحفي أن يدرس الإعلام ". وهو تناقض صارخ فالرجل درس الأدب الفرنسي ولا علاقة له بكليات الإعلام وينظر الاَن في الصحافة و الرجل يحاضر أيضاً في منتدى للاعلام المجتمعي الذي يعتمد على الوسائط الجديدة للاعلام وصحافة المواطن .
وبعد الجلسة الصباحية المفتوحة شاركت في ورشة حول الأمان الرقمى يسيرها صديقي الرائع محمد الجوهري .حيث قدم لنا مجموعة من المعلومات المفيدة حول حماية أنفسنا على الشبكة .
وبعد ذلك انخرطت في ورشة حول كيفية بناء المشاريع الاعلامية مع أحمد عصمت و أيمن صلاح ،غلبت عليها العفوية والحركية، وأكدت لي أن بناء المؤسسات الاعلامية يجب أن تسبقها دراسات ودراسات والإجابة عن السؤال الوجودوي 
الذي يقول :"مالجديد والمختلف لديك ؟".
وفي المساء افتتح المعرض الإعلامي ،حيث اطلعت من خلاله على مجموعة من المشاريع الاعلامية المجتمعية الرائعة .
بدأ اليوم الثالث من المنتدى بجلسة مفتوحة حول حماية الصحفيين في وقت الأزمات مع محمد سلطان،
ومن ثم في ورشة حول قوانين الإعلام مع الرفيق أحمد عزت ،قدم لنا فيها عرضا حول ضرورة تحرير المعلومات من سلطوية الدولة وجعلها مشاعة للجميع ،وأكد خلالها على غياب إرادة سياسية في أغلب الدول العربية على خلق جو من الشفافية يضمن تداول المعلومات ،خاصة أن القوانين العربية تقف دائما ضد تلك الفكرة بحجة الأمن القومى وما يشبهه من حجج.
وكان ختام مشاركتى في الورش مع صديقي الرائع محمد القاق من الأردن،حيث قدم لنا عرضا حول التوثيق البصري وتأثيره في شبكة الأنترنت .
وعرض لنا مجموعة من التجارب العربية والعالمية يدعم بها فكرة ضرورة التوثيق البصري ،و كان أكثرها جدلاً في القاعة صورة "ست البنات "التي فتحت النقاش بين المشاركين المصريين حيث حاول البعض أن يشكك فيها فوقف بوجهه الحضور وأكدوا عليها ،وفتحت النقاش حول القمع .
لم أتكلم هنا عن مدينة الاسكندرية ولا جمالها ولا الاستقطاب السياسي و "الحملات الانتخابية "والشعب الرائع و الكتابات الحائطية المناهضة للعسكر المنتشرة في المدينة ولا أصدقائي و لا المشاركين والتنظيم ،لأنها أمور يجب أن يكتب عنها لوحدها من دون خلط ببقية الفعاليات،و سأفعل في التدوينة القادمة .

السبت، 12 أبريل 2014

عن قانون الميمات !!

تصميم للحملة المناهضة للاطار القانون لمجتمع المعلومات
كان الأسبوع الماضي صاخب،أثبت خلاله النشطاء والمدونين الموريتانيين قدرتهم على التحرك ضد أي محاولة لتكم أصواتهم .
فقد نشطوا بشكل رائع ضد 
الاطار القانوني لمجمتع المعلومات
 الذي يريد النظام الموريتاني تمريره من خلال برلمانه الصوري، فقد سيطرت مخاوفهم واحتجاجاتهم على نقاشات الشبكة ووسائل الاعلام التقليدية، وأحرجت النظام وكل من يدور في فلكه و أربكت حساباتهم.
ومازالت حملة المدونين ضد القانون القمعى مستمرة،وتفاعلاً معها و كتعبير عن رفضي للقانون الخبيث والممل سأحاول مشاركتكم بعض نقاطه المظلمة.
القانون عبارة عن مجموعة من المواد القانونية الفضفاضة سهلة التأويل وحمالة الأوجه،تتيح للقاضي تكييف التهمة التي يريد حسب مزاجه ومزاج السلطة،فمثلا تاتي المادة ١١ من مشروع قانون مجتمع المعلومات الموريتاني لتقول أن القانون جاء لتنظيم هذا 
الفضاء وفق الأخلاق من دون تحديد لها وهي مقدمة لسياسة التمييع.
وتلغى المادة ١٨ من القانون مايخالفه، أي أن قصة عدم ملاحقة الصحفيين في قضايا النشر أصبحت في خبر كان، لأن هذا القانون يتضمن الحبس في قضايا النشر والتعبير عن الأفكار و القانون معنى حسب المادة ٢٧ ب : (الإذاعة والتلفزيون والسينما و الصحافة و الملصقات و المعارض و نشر المكتوبات أو الصور من كل نوع، والخطابات والأغاني والصيحات و التهديدات التي يطلقها في أماكن أو اجتماعات عمومية، وكل منظومة تقنية موجهة لبلوغ الجمهور، وعموما كل وسيلة اتصال بطريقة الكترونية خاصة الانترنت والهاتف)، وهو ما انتقدته رابطة الصحفيين الموريانيين وكذلك نقابة الصحفيين .
وتأتي المادة ٢٨ من مشروع القانون المتعلق بالجرائم السيبرانية لتخبرنا أن أي شخص معرض للحبس من ٦أشهر إلى ٧ سنوات أو ب ٥٠٠٠٠٠ أوقية إلى ٥٠٠٠٠٠٠ أوقية،وذلك حين يخالف "الأخلاق الحسنة "وهو نزوع إلى الضبابية ،فمن يحدد تلك الأخلاق الحسنة ؟.
وعلى نفس المنوال تسير في خط التمييع المادة 2 التي تعرف البيانات العنصرية والمعادية للآخر بالافكار والنظريات التي تطري أو تشجع الكراهية أو التمييز أو العنف .
وتؤكد لنا المادة ٢١ من مشروع قانون الجرائم السيبرانية أن الشتائم قد يعاقب صحابها بالحبس من ٦ أشهر إلى ٧ سنوات أو بغرامة من ١٠٠٠٠٠٠إلى ٦٠٠٠٠٠٠ و لاتحدد هذه المادة ماهية الشتائم؟
وتجعلنا نتسائل هل انتقاد النظام وعناصره يندرج في دائرة الشتائم ؟،و المضحك في الأمر أن الضرب والجرح العمدي ضد الأفراد معاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات طبقا للمادة 285 من القانون الجنائي الموريتاني، وحتى عقوبة السب في القانون الجديد أشد من عقوبة الاغتصاب في القانون الجنائي الموريتاني .
ويعاقب هذا القانون على الافتراء و السب وافشاء الأسرار في المادة 21 بالحبس من ستة أشهر إلى خمس سنوات وبغرامة مالية تصل إلى ٦ ملايين ، بينما تنص المادة 349 من القانون الجنائي الموريتاني التقليدي على أن السب أو عبارات الإهانة التي ليس لها طابع مضاعف بسبب الخطورة والعلانية لايترتب عليها إلا عقوبات المخالفات البسيطة.
ويستمر القانون في ضبابيته في جانب الجرائم السيبرانية، حين يتحدث عن الدفاع العام والمساس به حيث تصل العقوبة فيه المؤبد من دون تحديد نوعية الضرر وتوضيح الدفاع العام وذلك في المادة ٢٩ .
القانون يشرع كذلك لتجسس النظام على على مستخدمى الشبكة وفرض وصايته على مزودي الخدمة و يجعلهم تحت رحمته ويجبرهم على إعطائه كل البيانات التي يريد،وهو مايخالف ميثاق مبادئ وأساسيات حقوق الانسان على الشبكة الذي أصدره التحالف الدولى للحقوق والمبادئ على شبكة الأنترنت والذي ينص على أن الخصوصة حق مقدس وأن مزودي الخدمة لا يجب أن يخضعوا لوصاية أي دولة أو أي جهة أخرى .ويحصر القانون تداول وسائل التشفير وأدواته على الجهات التي يرخص لها  وهو مايقيد وصول الأفراد العاديين إلى أدوات الحماية على الشبكة التي تخول لهم تأمين بياناتهم الشخصية ومراسلاتهم وأنشطتهم على الشبكة.
ويفرض أن تطلعه الهيئات المرخصةعلى طبيعة الاستخدام،في محاولة لتقنين الأدوات التقنية التي تستخدم من أجل كسر الحجب  وإخفاء الهوية و حماية الأفراد لمعلوماتهم عن طريق تشفيرها بطرق لا تتمكن الحكومة من فك تشفيرها .ويسمح القانون للدولة أن تنتهك خصوصية المستخدمين بمجموعة من المبررات العائمة والهلامية ، ففي المادة 5 مثلا يمكن أن تتم معالجة البيانات الشخصية دون موافقة الشخص المعني من أجل تنفيذ مهمة "للمصلحة العامة" .
القانون يضع كذلك الكثير من القيود على التجارة الألكترونية تعتبر عقبات مضنية أمام أي مستثمر على الشبكة .
ويكشف عن تعطش من أعده لسجن المواطنين على الشبكة ،فهو لا يطبق مبدأ جسامة العقوبة تبعا لجسامة الفعل ،فيعاقب على مايعتبر مخالفات في القانون الجنائي بعقوبات تتناسب مع الجنايات الخطيرة .
المضحك في القانون أنه تحدث في بعض جوانبه عن الملكية الفكرية وتشدد فيها ،وفي نفس الوقت بعض من أجزائه مسروق بالحرف والفاصلة والنقطة من القانون السنغالي(يعنى أخواتنا في السنغال بامكانهم أن يفضحونا في المحاكم الدولية ) .
عيوب القانون كانت طبيعية ومتوقعة ، لأن الطريقة التي أعد بها تخالف أبجديات حوكمة الأنترنت ،والتي تقتضي التشاركية بين كل الفاعلين على الشبكة ،من شركات خاصة ،ومنظمات مجتمع مدني، ونشطاء حقوقيين ،ومدونيين وصحفيين، لكن النظام الموريتاني سنه لوحده من دون استشارة أحد كعادة أقرانه في الدول العربية القمعية .
خطورة القانون أنه يأتي في دولة لا أسس فيها لدولة القانون ،و أن الأحكام القضائية تأتي بالأمر المباشر من رأس النظام العسكري، و أنها تتم بشكل انتقائي ،وهو مايجعل المعارضين عرضة للانتقام من قبل النظام ،ووقوع قانون كهذا في يد النظام الموريتاني سيهسل عليه مهمة ملاحقة النشطاء المناهضين له .
لكن الحملة المناهضة للقانون ،أكدت أن النشطاء على الشبكة والمدونين مستعدين للمواجهة ،وهو أمر مبشر جداً لأن الجنرال حسب وجهة نظري سيدخل في مرحلة جديدة من التضييق على الحريات خاصة بعد وصوله إلى فترته الرئاسية الثانية وسنحتاج لمزيد من العمل المحترف للتصدي لقمعه.
في النهاية أريد القول أن قوانين القوى القمعية الرجعية لا تعنيني في شيء وعليها رميها مع بقية أغراضها النتنة أو أكلها رفقة خرفانها التي تربي وترضخ لها. وسأظل أكرر مع الشباب #مان ساكتين ...ويستمر النضال .
تنويه :
-بعض المعلومات في التدوينة أخذتها من ورقة قانونية حول القانون نشرها المحامي محمد المامي ولد مولاي أعل على صفحته على فيسبوك.

-تجدون هنا أيضا ردود أفعال لبعض النشطاء والمدونين على القانون ضمن موضوع كتبته للأصوات العالمية عن القانون.

الخميس، 9 يناير 2014

كبة المرفأ أولى بالتبرع

اَثار التهام النيران لكبة المرفأ
عشنا الأيام الماضية على وقع حالة من الاستفزاز والاستهتار بمشاعر الفقراء والمسحوقين والسبب هو أن مايتحكون في أمور بلدنا ثلة من هواة إذلال الشعوب وعكس كل المفاهيم والقيم ...ففي هذه الأيام ظهرت الطبقة الحاكمة في مشهد كرنافلي تعيس وهي تستعرض قدراتها على التبرع لقضايا لا تمس المطحونين بل تهدف لإلهائهم عن همومهم الحقيقية،فقد هرولوا  للتبرع في تليتون نظمته وزارة الثقافة والشباب والرياضة واستمرت تلك المسرحية لمدة ٣٠ ساعة وحصدت ٦٠٠ مليون أوقية ولم يكن التيلتون من أجل قضية خيرية ولا مساعدة منكوبين ولا ضحايا كارثة انسانية، بل لمشاركة منتخب المرابطون(منتخب موريتانيا لكرة القدم) في بطولة افريقيا للمحليين وقدم الأمر على أنه انتصار للوطنية وروحها،ولم ينقاش المتبرعون لماذا يضعون هذه الأموال ؟،ولماذا لا تقوم الجهة الوصية على توفير الأمكانيات اللازمة من أجل مشاركة منتخب المرابطون ؟،ومتى كانت المشاركة في البطولات الإقليمية كارثة انسانية تتطلب التبرع ؟،ولم يتساءلوا أين ذهبت ثروات وطننا وأي ذهبت ضرائبنا ؟ وماذا حل بخزائن الدولة التي يصرخ بنا الجنرال كل حين إنها مليئة بالأموال ؟
طبعا لم يتساءلوا لأن الهدف من التبرع ليس خدمة الوطن بل هو المشاركة في جوقة التصفيق وإثبات الولاء للحاكم العسكر !!
المهم،
الدمار هو سيد الموقف 
بعد هذه الحالة الجنونية التي عشنا فيها في الأيام الماضية ،استيقظنا على حريق كبة المرفأ و سحق النيران لأكثر من ستمائة عريشة كانت تؤوي عائلات موريتانية طالما اشتكت وتظاهرت من أجل أن توفر لها قطع أرضية وأماكن للعيش بكرامة،وصرخوا أن أي حريق سيؤدي إلى القضاء عليهم لأن الأبراج والأعرشة المكونة لهذا الحي مصنوعة من الحطب،لكنهم لم يجدوا من يستمع لهم ولا يحقق لهم مطالبهم -فقط لأنهم مواطنون بسطاء - .
قام الجنرال عزيز بعد هذه الحادثة بزيارتهم ووعدهم كما يفعل دائما ولم يزد الأمر عن ذلك -ومن يعرف الجنرال ويعرف وعوده العرقوبية لن تزيده تلك الزيارة إلا احباطا -،وتم منع الصحفيين من تغطية مأساة سكان هذا الحي المنكوب وكذلك تم تمنع أحد الأحزاب من مساعدة سكانه ولم نسمع لحد الاَن أي من اللذين تبرعوا لمنتخب المرابطون يدعو لمساعدتهم،و لم يصرخ كذلك الجنرال في المواطنين من أجل التبرع لهم ولم يعلن عن تليتون ولا مايشابهه .
هذه القصص تثبت لي أننا في وطنن تيسر فيه الأمور بشكل معكوس يبعث على الغثيان والاسمئزاز،فالكوارث الانسانية لا تجد من يتضامن مع المتضررين معها ولا من يمد لهم يد العون والحكومة والحاكم العسكري يتجاهلونها و يمنع مساعدة ضحاياها وتغطية أخبارهم،أما المشاركة في البطولات الاقليمية واعداد منتخابات كرة القدم التي من المفترض أنها تتبع لجهة وصية فتجد حملات التبرع لهم والصراخ من أجل المساعدة .
هذه الحالة تثبت مدى الانحطاط والسخافة التي وصلنا لها حيث لا قيمة ولا كرامة للانسان ...وأننا نعيش أزمة قيم بامتياز وحالة من السقوط الفاضح .
وقبل أن أنهي سطوري أتمنى أن نبدأ حملة لمساعدة المتضررين من حريق كبة المرفأ فالتبرع لهم أولى من المهازل التي استفزنا بها النظام في الأيام الماضية .


الاثنين، 23 ديسمبر 2013

موريتانيا : الشركات الأجنبية تتسابق في فصل الموريتانيين


العامل الشيخ ولد محمد ولد اسويدي الذي فقد أصابع يده أثناء عمله في mcm لترميه الشركة بعدها

انقشع غبار الانتخابات التشريعية في موريتانيا وانتهى العرض الهزلي ليفرغ الشعب إلى همومه وماَسيه الحقيقة بعد متابعته لمسلسل مكسيكسي تافه سيء الاخراج والسيناريو . وكانت أول الصدمات التي تقابل المواطن الموريتاني هي دخول شركات التعدين الأجنبية العاملة في موريتانيا في خطة لتطهير مناجمها وشركاتها من العمال الموريتانيين.
فقد قامت شركت كينروس تازيزت الكندية التي تستخرج الذهب الموريتاني يوم الأحد 22-12-2013 باخطار 293 عاملا من عمالها بتسريحهم ،272 منهم في منجم تازيازت، من ضمنهم 71عاملا في مجال التنقيب؛ و 21 في مكاتب نواكشوط في العاصمة نواكشوط . 

وقد أصدرت الكونفدرالية العامة لعمال موريتانيا بيانا يوضح عدم قانونية فصل عمال الشركة قالت فيه :
• ان قرار كنروس تازيازت القاضي بالفصل الجماعى لمجموعة من عمالها يعتبر باطلا بقوة القانون وعديم الأثر نظرا لمخالفته الصريحة للمسطرة القانونية المنصوص عليها فى المادة 55 و ما بعدها من مدونة الشغل والمادة 30 من الاتفاقية الجماعية للشغل والمتعلقة بالفصل لأسباب اقتصادية.• ان المسوغات التي ساقتها ادارة كنروس تازيازت لتبرير تقليص العمال والمتمثلة في تراجع سعر الذهب وارتفاع تكلفة الاستخراج ليست مقنعة بالمرة حيث لا توجد بالضرورة علاقة سببية بين ارتفاع أسعار الذهب وارتفاع تكلفة الانتاج. ثم ان سعر الذهب أثناء شراء منجم تازيازت من طرف شركة كنروس كان أقل من سعره في الوقت الراهن (حيث لم يكن سعر الذهب في 30 يونيو 2010 يتجاوز 1197 دولار بينما وصل سعر أونصة الذهب أمس الأول (20 دجمبر 2013) حدود 1202 دولار في الوقت الذي يجمع معظم المحللين علي أن أسعار الذهب ستعاود الارتفاع خلال العام المقبل) أضف الي ذالك الي أن الشركة تمكنت من تعويض خسائرها الناجمة عن تراجع أسعار الذهب من خلال خفض قيمة العملة المحلية ( التي يتم بها دفع أجور ومستحقات العمال) الذي شهدته بلادنا خلال السنوات الأخيرة .
وحسب بعض المصادر العمالية فان شركة كينروس تازيازت قامت بتحويل عمال تابعين لها في غانا إلى موريتانيا وذلك لعدم حاجتها لهم في دولتهم لأن نشاطها فيها يشهد انتكاسة و لكنها لم تستطع تسريحهم بسبب تهديد الحكومة الغانية لها بالطرد إن فعلت ولكن الحكومة الموريتانية سمحت لها أن تستجلبهم إلى موريتانيا من أجل العمل في فرع الشركة فيها وتسرح بعض العمال الموريتانيين .

وعلى نفس المنوال سارت شركت mcm الكندية التي تستخرج النحاس والذهب في موريتانيا .حيث قامت صباح اليوم الإثنين ٢٣-١٢-٢٠١٣ بفصل١٦٠ عاملاً من عمال المقاولة SMBTD\Aprescoge كدفع أولي، بالاضافة  إلى  الحديث عن دخول الشركة في تنفيذ خطتها الرامية إلى فصل 250 من عمال الشركة الأم خلال هذا الأسبوع ، وكانت شركة mcm قامت الأسبوع المنصرم بفصل ١٦ عاملا من عمال الحراسة التابعين لمقاولتها MSS . 

وفي إتصال لي مع العامل عالي ولد محمد سيدي من مدينة أكجوجت وهو أحد المتضررين من عملية الفصل قال لي :
"نحن نتعرض لعملية انتقام بسبب الاضربات التي قمنا بها العام الماضي من أجل انتزاع حقوقنا والانتصار لكرامتنا (تم قمع هذا الاضراب بوحشية من قبل النظام الموريتاني وتوفي العامل ولد الشظوفي خلاله بعض تعذيب الحرس الوطني له )والشركة تربح بشكل واضح وتطور أنشطتها وتوسعها وهي بحاجة للعمال لكنها تقصد استبعاد الموريتانيين واستقدام الأجانب وترفض أن تعطينا أبسط حقوقنا وأن تعاملنا كبشر لهم كرامه."
وأضاف :
"للأسف مفتشية الشغل متواطئة مع الشركة وكذلك النظام و الأمن فنحن عندما حضرنا اليوم إلى مقر الشركة جائنا الأمن وقال لنا من يوجد إسمه في هذه اللائحة عليه المغادرة الاَن وإلا سنستخدم العنف ."
وأنهى حديثه معي قائلا :
"إن هذه الوضوعية لن تؤدي إلا إلى الانزلاق إلى مزيد من التأزم وأنها خطر على استقرار البلد لأن عمال هذه الشركات مجموعة من معيلي الأسر وتشردهم خطير على الوطن ."
وقد أجريت اتصال بصديقي الناشط العمالي عثمان ولد كريفيت حول الموضوع قال لي فيه :
إن الشركة كانت تؤجل عمليات الفصل هذه حتى تنتهي الانتخابات وذلك حسب رغبت النظام،و أضاف :
"منذ 3 اشهر والمدير العام ل MCM يهدد بفصل 250 عاملاً بعد أن فصل 42 من عمال التنقيب و100 عامل من عمال الطريق .وعندما اقتربت الانتخابات واشتكي من يسمون اليوم مناديب الشركة بمحاولة أخذ المساطر القانونية وتم دعوة الجميع الي ادارة الشغل لم يتراجع المدير.
وانما طلبت منه الدولة أن يؤجل هذا الفصل وكان من المتوقع أن يكون بعد الشوط الأول وعندما أسفرت الانتخابات عن شوط ثاني أجل القرر ليقوم به يوم أمس بعد انتهاء الشوط الثاني .
السلطة يوم أمس عندما استلمت الرسالة من المدير العام كانت مذهولة وتتخوف من اضراب وخاصة أن الفصل متعدد بين الشركات والمنتظر يشمل الكثير من معيلي الأسر"
وقال كذلك أن القرار باطل من الناحية القانونية لأنه تم قبل أن تنهي لجنة الوساطة أعمالها التي مازالت عالقة مع وزارة الشغل .
كل هذا يحدث وسط صمت تعيس وتواطؤ من قبل الوجهاء المحليين والمواقع الاخبارية الموريتانية والنظام وبعض السياسيين والسبب هو أن هذه الشركات تقوم برشوة الكل من أجل السكوت على جرائمها التي لاتقتصر على فصل العمال الموريتانيين بل تتجاوز ذلك إلى نهب الثروة وتلويث البيئة وهي التي لا تمنح لموريتانيا سوى الفتات من خيرات ما تستخرج من أرضها .
ويبقى السؤال المطروح إلى متى ستظل هذه الشركات تنهب ثروتنا وتحتقر عمالنا ونحن ساكتون؟

الأحد، 15 ديسمبر 2013

المقاوم علاء عبد الفتاح سجين مرة أخرى !

علاء عبد الفتاح يحتضن إبنه الذي ولد وهو في سجن المجلس العسكري، ويقضى اليوم  أول عيد ميلاد له وهو في سجن السيسي
منذ بداياتي الأولى في التدوين والنشاط على الشبكة العنكبوتية وأنا أسمع عن ذلك الشاب اليساري المصري المقاوم علاء عبد الفتاح . أسمع عن نضاله ضد نظام مبارك و نشاطه من أجل انتصار الانسان في وطنه الذي يسكن وجدانه ويتغلغل في مكنونات روحه. كنت أتابع تلك السمفونية المصرية الملهمة حد الإنبهار. فقد كانت قصة ذلك المدون السيزيفية  تعبيراً عن الحالة المصرية الملتهبة والمتوثبة نحو التغيير والثورة...فحين يعلو صوت المد الجماهيري يظهر ذلك على صفاحات مدونته و حين يشتد بطش النظام تسمع اسمه من بين المعتقلين والمقموعين...فقد ذاق صاحب القلب الثائر الرافض "لكتالوج النظام "مرارة السجن في عهد مبارك،حيث حبس خمسة وأربعين يوماً فقط لأنه احتج مع الإنسان المصري على وضعه المزري.وحين بدأت الاحتجاجات على طريقة  إدارة المجلس العسكري لمصر في سنة 2011 بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير،كان مصيره السجن،و ذلك لمدة الشهر حرم فيها من حضور ابنه إلى عالمنا البائس ...حرم من مشاركة عائلته فرحها (كان علاء عبد الفتاح خارج مصر وتم استدعائه ليحاكم عسكريا فقرر الرجوع إلى مصر من أجل أن يفضح قضية تعرض المدنيين لمحاكمات عسكرية )...وفي زمن الرئيس المصري السابق محمد مرسي،لم يسكت علاء عبد الفتاح على ما اعتبره محاولة لتكميم الأفواه،فكان مصيره الاتهام بالتحريض على الحكومة. 
واليوم يعيش الرفيق علاء عبد الفتاح محنة أخرى وقصة نضالية جديدة والسبب دائما رفضه للظلم والخنوع وأنه لايمكن أن يلعب دوراً غير الدفاع عن أناة المواطن المطحون و أن يكون الصوت في زمن السكوت. 
حيث يقوم نظام السيسي بوضعه خلف القضبان و تقييد حريته،وحسب بيان حملته الداعمة  فإن علاء تعرض للتكنيل أثناء اعتقاله وتم التعدي كذلك على زوجته منال حسن، وجاء في البيان أيضا أن الاعتقال جاء على خلفية مشاركته في نشاط نظمته مجموعة لا للمحاكمات العسكرية:
كانت مجموعة لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين قد دعت للتظاهر يوم 26 نوفمبر أمام مجلس الشورى لحث لجنة الخمسين على وقف المحاكمات العسكرية للمدنيين في الدستور الجديد وضمان أن يُحاكم كل متهم أمام قاضيه الطبيعي. وقامت قوات الشرطة بقمع المظاهرة السلمية باستخدام عنف شديد غير مبرر. حيث قامت باستخدام المياه والغاز المسيل للدموع لتفريق المظاهرة، وبإعتقال كل من طالته يداها.تم إعتقال أكثر من 50 شخصًا بشكل عشوائي، وفي الوقت الذي تم فيه إطلاق سراح العديد منهم في نفس اليوم لتفادي الضجة الإعلامية، تم التحفظ على 24 آخرين.
ثم أصدرت النيابة أوامر ضبط وإحضار لإثنين من النشطاء المعروفين، علاء عبد الفتاح وأحمد ماهر. وفي حين أن كلاهما كان قد أعلن قراره بتسليم نفسه للسلطات، قامت الشرطة بإقتحام منزل علاء عبد الفتاح بالقوة، مساء 28 نوفمبر، وأعتدت عليه وعلى زوجته منال حسن بالضرب.
اتهمت النيابة علاء عبد الفتاح وحده بالدعوة للمظاهرة دون تصريح من السلطات,. تم إخلاء سبيل 23 من المتهمين بضمان الكفالة المالية، بينما مازال علاء عبد الفتاح وأحمد عبد الرحمن محتجزين على ذمة القضية.
علاء عبد الفتاح قصة مصرية تجعلك تطمئن على اسمترارية االانسان المقاوم والرافض للذل،في زمن يبيع فيه المناضلون ضمائرهم بين طرفة عين وانتباهتها،فهو ابن لرفيقين كرسا حياتهما من أجل إعلاء قيم القانون والعدالة الاجتماعية والمساواة وأخ لمناضلة تناهض الحكم العسكري ...الحرية لعلاء ولكل رفاقه الذين يتنفسون الحرية الاَن في سجون السيسي وليسقط القامع والجلاد وكل القوانين الجائزة.

الجمعة، 6 ديسمبر 2013

ماديبا الإنسان

أثناء تأبين مانديلا في نواكشوط بساحة مايو 
من وسط غبار الطغيان والعنصرية والكراهية واحتقار الانسان وغيوم أسطورة تفوق الرجل الأبيض ودونية الأسود وسيطرت الخرافة والجهل...خرج ذلك المارد الأسود وأعلن ثورته على الظلم و التمييز العنصري...تقلبت أحواله و أفكاره من اليمين إلى اليسار وصقلته التجارب حتى أصبح إنساناً يسمو فوق العرق واللون والدين...تخلص من فكرته المسبقة عن بعض التوجهات الفكرية فقد كان ينظر بالريبة للشيوعيين ويعتبر فكرهم غريبا على بلده الإفريقي و لكن بعد احتكاكه بهم ونقاشه معهم أصبح معجباً بطرح كارل ماركس و فريدريك أنجلز و رافقهم و دعموا نضاله واحتضنوه داخلياُ وخارجياً...عارض اتفاقية الدفاع عن حرية التعبير في جوهانسبرغ التي اطلقت سنة 1950 المكونة من نشطاء أفارقة وهنود وشيوعيين و التي دعت إلى إضراب عام ضد نظام الفصل العنصري و السبب أن المبادرة ليست بقيادة حزب المؤتمر الوطني الأفريقي لكن بعد دراسته للتجربة عرف أنه أخطاً ولم يكابر و وضع يده بعد ذلك في يد نشطائها واَمن بضرورة العمل مع الجميع وأممية الإنسان وضرورة الاعتراف بالتنوع والاَخر...ناضل سلمياً سنين عديدة وحين تبين له أن الكفاح المسلح أصبح ضروريا وأن الوقوف في وجه عنف الدولة العنصرية يتطلب السلاح واستخدام القوة شارك عام 1961 في تأسيس حركة مسلحة تحمل إسم «اومكونتو وي سيزوي» ("رمح الأمة"، يختصر MK)...رفض أن يساوم على نضال شعبه وكان صوته الصادق و رسوله إلى العالم وأقنع نضاله البشر في أرجاء المعمورة...لم يفكر يوما في مصلحة ذاتية وصبر على السجن والعذاب سنين عديدة واَمن بطول النفس في النضال،و لم يترك للاحباط فرصة ليتسلل إلى خلجات نفسه الثائرة، فقد قال في كتابه (مسيرة طويلة نحو طريق الحرية):
"ولم يدر في خلدي قط أنني لن أخرج من السجن يوماً من الأيام،وكنت أعلم أنه سيجئ اليوم الذي أسير فيه رجلاً حراً تحت أشعة الشمس والعشب تحت قدمي ؛ فإنني أصلاً إنسان متفائل، وجزء من هذا التفاؤل أن يُبقى الإنسان جزءاً من رأسه في اتجاه الشمس وأن يحرك قدميه إلى الأمام . وكانت هناك لحظات عديدة مظلمة اختبرت فيها ثقتي بالإنسان بقوة ولكنني لم أترك نفسي لليأس أبداً . فقد كان ذلك يعني الهزيمة والموت".
تعلم من تجاربه وقيمها و لم يكن يتعصب للفكرة ولا للرأي فحين تقنعه بفكرة  كان يسير خلفها ويعمل من أجل نجاحها.
وحين تبين له أن هناك أمل في أن تقوم مصالحة وطنية في وطنه لم يتعصب و لم ينتصر لنفسه وكان صوت الحكمة والتضحية، لم يحاول الانتقام بل كان مثالاً للانسان المتسامي صاحب النظرة المستقبلية و لم يجر أحقاد الماضي لطاولة الحوار،و لم يسمح لها بالدخول في تفاصيل الجلسات.
وحين خول له نضاله الوصول إلى الكرسي و حكم وطنه لم يتجبر ولم يغتر وحاول أن يمثل حكمه نموذجا للتعايش والتشارك في الوطن،ولم يحاول أن يمكث في الحكم ولا استغلال تاريخه وعاطفة شعبه نحوه وترك للأجيال القادمة الفرصة في الحكم وذهب من بعد فترة رئاسية واحدة .
وحتى في هرمه وشدة وطأت المرض عليه وخروجه من إطار ودائرة السلطة لم يترك خدمة الشعب فقد ظل مواطناً مبادرا من أجل شعبه و دأب على مساعدة الفقراء والمرضى فيه و كل من يحتاج للعطف والحنان.
حاول قدر المستطاع أن ينقل قيم تجربته النضالية إلى أصقاع الأرض و أن يدعم الشعوب التي ترزح تحت نير الاستعمار والطغيان،فقد كان داعما شرسا لنضال الشعب الفلسطيني وصوتا من أصوات الشعوب التواقة للحرية في قارته السمراء المثقلة بالجراح والماَسي ...
إنه روليهلاهلا ماديبا أو" نيلسون مانيدلا" أيقونة النضال من أجل كرامة الإنسان في جنوب إفريقيا والعالم ،ذلك الرجل الذي تبكيه البشرية اليوم لا لماله ولا لسطوته، إنما لكونه إختار أن يكون إنسانا فقط.

مصادر :
ويكيبيديا
كتاب :مسيرة طويلة نحو طريق الحرية 

الاثنين، 25 نوفمبر 2013

الانتخابات تزيد الاحتقان في موريتانيا

رئيس اللجنة المستقلة للانتخبات في كيفة  وهو نائم بجانب صناديق الاقتراع
بدأت النتائج الأولية للانتخابات التشريعية والبلدية في الظهور و طفت مجدداً على السطح قصص التزوير والتأثير على إرادة الناخب الموريتاني،وانطلق النقاش حول نجاعة المشاركة وسلامة موقف المقاطعين والرافضين للانخراط في هذه اللعبة.
فالمقاطعون يعتبرون أن موقفهم المبدئي من الانتخابات،هو رفض للانخراط في لعبة تهدف إلى تشريع الحكم العسكري وتقوية القبيلة وتقويض الدولة،وأنهم نجحوا في ايصال صوتهم وتعرية الانتخابات وجعلها مشردة داخليا وخارجيا (الانتخابات الحالية رفض الاتحاد الأوربي والأمم المتحدة وكثير من المنظمات الدولية مراقبتها ) .فهذه الانتخابات تمت مقاطعتها من طرف طيف كبير من الشعب الموريتاني،فمن بين أكثر من مليوني موريتاني يحق لهم التصويت لم يسجل على اللائحة الانتخابية سوى مليون و مائتي ألف مواطن موريتاني وذلك بعد مطالبة أطياف من المعارضة بمقاطعة ذلك الاحصاء. وحتى الذين سجلوا على اللائحة الانتخابية فقد قاطع منهم الكثيرون،فحسب التلفزيون الرسمي نسبة المشاركة كانت 60 % (اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات لم تعلن نسبة حتى الاَن ) وهي نسبة مازالت محل تشكيك، لكنها حتى لو كانت صحيحة فذلك يعني أن 40 % من المسجلين على اللائحة الانتخابية قاطعوا الانتخابات،وحين نقارن نسبة المشاركة في الانتخابات الحالية باَخر انتخابات تشرعية نجد أن النسبة شهدت انتكاسة فنسبة انتخابات 2006 كانت 73,42% .
ويدعم المقاطعون للانتخابات موقفهم بحوادث التزوير التي تحدثت عنها بعض الاحزاب المشاركة في الانتخابات ، فمثلا أصدر حزب تواصل الاسلامي ورقة رصد فيها مجموعة من الخروقات التي شابت عملية الاقتراع.مثل التصويت بدون بطاقة التعريف، عدم تمكين ممثلي اللوائح من التثبت من هويات الناخبين، التصويت عن آخرين دون مبرر، السماح بتصويت ناخبين غير مسجلين على اللائحة باستخدام أسماء ناخبين آخرين، محاولة عسكريين التصويت وهم يرتدون أثوابا مدنية، منع بعض الناخبين من التصويت ما لم يحضر ناخبون آخرون،منع بعض الناخبين من التصويت بحجة أن أسماءهم سبق التصويت عليها،ممارسة بعض مسؤولي المكاتب للدعاية الحزبية داخل المكتب، تردد بعض أعضاء الحكومة على مكاتب التصويت  رغم أنهم غير مسجلين أصلا في الدائرة الانتخابية وتوجيههم للناخبين، منع ممثلي الاحزاب من دخول المكاتب رغم حملهم اعتمادات من اللجنة المستقلة للانتخابات ومن الحزب .
وكذلك تحدث حزب تواصل عن قيام اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات بتغيير النتائج لصالح الحزب الحاكم .
وهو ما أكدته شهادته أدلى بها عضو احدي ممثليات اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات لموقع ديلول ،قال فيها :
"إنه تفاجأ بتغيير نتيجة انتخابية ارسلتها لجنته المحلية للجنة الانتخابية المركزية. وأوضح عضو اللجنة الفرعية انه عندما كان يستمع لنقل اذاعة موريتانيا من استديوهها المركزي داخل مقر اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات في نواكشوط، للنتائج النهائية التي تقدم للصحفيين في الاستديوه، لاحظ تغيير نتيجة مكتب من المكاتب التي كانت لجنته الفرعية قد ارسلت نتائجها، لصالح لائحة حزب الاتحاد من اجل الجمهورية، حيث وضعتها في المقدمة بينما كانت في المؤخرة".
وكذلك حديث مسئول الإعلام في حزب التحالف الشعبي التقدمي عثمان ولد بيجل عن التزويرالكثيف في الانتخابات وتواطؤ اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات .
و مايبعث على القلقل ويؤكد التزوير هو تأخر اصدار النتائج من قبل اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات
، وهو ماجعل العديد من الأحزاب المشاركة في الانتخابات تؤكد أن هناك نية لاستبدال النتائج،ما أدى إلى محاصرة أنصار حزب الوئام لمكاتب اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات في روصو والمذرذرة جنوب موريتانيا وقيام أنصار حزب تواصل الاسلامي بمحاصرة مقر اللجنة في لعيون في الشرق الموريتاني وحدوث مواجهات في مدن موريتانية عديدة .و أفرزت النتائج الاولية للانتخابات اكتساح الحزب الحاكم والاحزاب التي تدور في فلك النظام لمقاعد البرلمان وعدم حصول "المعارضة المشاركة " على تمثيل محترم، فما أعلن عنه حتى الاَن من نتائج يجعل تمثيل المعارضة المشاركة فضائحي فمقاعدها لاتقارن بماحصدت المعارضة في اَخر انتخابات تشريعية (الانتخابات التي نظمت بعد الاطاحة بالرئيس الموريتاني السابق معاوية ولد سيد أحمد الطائع )،رغم دخولها في شوط ثاني في بعض المناطق لكن المراقبون يجدون أن تأجيل الحسم إلى الشوط الثاني ماهو إلا مقدمة لمزيد من التزوير لصالح النظام .
حتى الاَن لم يصدر أي رد فعل سلبي من ناحية أحزاب المعارضة المشاركة (تواصل والتحالف الشعبي التقدمي) ومازالت تقول أنها متقدمة وتدافع عن مشاركتها في الانتخابات رغم الأخبار التي تفيد أنها تمثيلها سيكون ضعيف جداً.
لكن أظن أن مع إعلان النتئائج بشكل رسمى وتأكد استحواذ الحزب الحاكم على البرلمان قد نشهد تطوراً في المشهد الانتخابي
، وقد نجد انسحابات من الانتخابات،ورجوع لمعسكر المعارضة المقاطعة من قبل المشاركين من مسعكر المعارضة،وهو مايجعل الأزمة تتطور والصراع يدخل مراحل جديدة .
فالمعارضة ستظل على موقفها من هذه الانتخابات وسترفض نتائجها كما رفضت المشاركة فيها،مايطعن في شرعية البرلمان المنبثق عنها وبالتالي سيكون لدينا برلمان مطعون في شرعيته ومؤسسة رئاسية إنقلابية لا تحظى بأدنى شرعية.
وستظل الأزمة السياسية على حالها وقد تتفاقم الأمور حين يحين موعد الانتخابات الرئاسية المفترض تنظيمها في العام القادم فبالاضافة إلى أزمة الشرعية
،هناك أزمة الغضب من البطالة والفقر والظلم الاجتماعي والفساد والنهب الممنهج للثروة .

الأحد، 10 نوفمبر 2013

موريتانيا: الإنترنت والتوق إلى التغيير

صورة من إعتصام سابق للمعارضة في ساحة إبن عباس، نواكشوط

تنويه: كتبت هذا الموضوع لموقع ملتقى المدونين العرب  
كانت أول مصافحة بين موريتانيا وشبكة الانترنت في عام 1997، وتمت في نطاق ضيق فقد كانت هناك شركة وحيدة تتصل بالشبكة هي “توب تكنولوجيز”، وظل تواجد الإنترنت ضعيفاً وعلى نطاق ضئيل، فمع بداية الألفية لم يكن عدد المستخدمين يزيد عن الألفين، حيث كان الوصول إلى الشبكة يقتصر على بعض المؤسسات وبعض المقاهي في وسط العاصمة.
إلا أن هذا الرقم بدأ في الصعود وحدثت مؤخراً ثورة في الولوج إلى الشبكة وخاصة مع موجة الربيع العربي والانخفاض النسبي الذي حدث في أسعار الانترنت – رغم أنها ما زالت مرتفعة جداً بالمقارنة بالدول العربية الأخرى وبمستوى الدخل للمواطن الموريتانيالمنخفض جدا - وكذلك توفير شركات الإتصالات لخدمة الإنترنت على الهواتف النقالة فقد وصل عدد المستخدمين  إلى 180.000 مستخدم، أي 5.4% من السُكّان.
التدوين والنشاط على شبكات التواصل الاجتماعي
تشهد موريتانيا الآن طفرة في النشاط على الشبكة أفرزتها حالة الاستقطاب والاحتقان السياسي والحقوقي التي بدأت موريتانيا تعيشها مع بداية الربيع العربي، فكانت المدونات ومواقع التواصل الاجتماعي ملاذ النشطاء والمحتجين الغاضبين والمطالبين بالتغيير، وهو ما تجلى في فتح العديد من المدونات التي تنقل الاحداث وتحللها.
فعبر المدونات استطاع المدونون الموريتانيون أن ينقلوا هذه الاحتجاجات إلى جمهور أكبر وتغطيتها على عموم الحوزة الترابية لموريتانيا، وظهرت مؤخراُ العديد من المدوناتالجهوية (مدونات المدن الداخلية) والشخصية التي تنقل أخبار الأقاليم الموريتانية التي تقع خارج نطاق تغطية الصحافة التقليدية، وذلك عبر الصور والتغطيات الميدانية وهو ما كانت تفتقده الصحافة الموريتانية التي يتمركز نشاطها أساساً في العاصمة الموريتانية نواكشوط، فالمؤسسات التي تملك مراسلين في الولايات الموريتانية الداخلية أقل من أصابع اليد الواحدة ، رغم أن عدد المواقع الموريتانية التي يتم تحديثها بشكل يومي يزيد عن 250 موقع، لكن تحديثها يغلب عليه طابع اللصق والزق.
وكذلك وجد الموريتانيون في فيسبوك متنفساً، وأصبح تواجدهم عليهم يزداد بشكل متسارع، حتى وصل حسب قسم الإعلانات في فيسبوك إلى 154,000 مستخدم 72% منهم الرجال و 28 من النساء، و 57% تحت 20 سنة و 85% تحت الثلاثين سنة، وحسب نفس الاحصائية فقد زاد عدد مستخدمي فيسبوك في موريتانيا بحوالي 40 ألف خلال العام الماضي.
وحين نرصد ما يكتبه هؤلاء المستخدمون و ما يتبادلون من معلومات على فيسبوك، نلاحظ طغيان القضايا السياسية والحقوقية والمطلبية على المشهد.
فعبر فيسبوك تحدت النقاشات حول القضايا المطروحة في موريتانيا، وتتم تغطية الاحتجاجات الشعبية والشبابية، حتى أن النشطاء على هذا الموقع أصبحوا مصدراً للصور والأخبار ومغذّ أساسي للمواقع الإخبارية الموريتانية التي تأخذ ما يكتبون وما ينشرون على صفحاتهم الشخصية.
وعبر فيسبوك استطاع الشباب الموريتانيّ أن يحشد لخروجه في الخامس والعشرين من فبراير / شباط 2011 مطالباً بالدولة المدنية في ما عرف بانتفاضة شباب 25 فبراير، التي ظهرت مع بداية الربيع العربي وسقوط الطغاة في تونس ومصر، والتي واجهها النظام بالقمع والتنكيل، تلك الانتفاضة التي كان لها تأثير كبير في زرع ثقافة الاحتجاج في الشارع الموريتاني. وكذلك قام النشطاء الموريتانيون عبره وعبر المدونات بإطلاق حملات تدوينية ضد الفساد والقمع وغياب المؤسسية وضد شركات التعدين الأجنبية في موريتانيا. وأطلقت من خلاله العديد من المبادرات الثقافية والتنويرية (مبادرة ملتقى 21 أغسطس الثقافي – مبادرة “اتكلمي” للانتصار لحقوق المغتصبة – مبادرة المعرفة للجميع لتشجيع القراءة).
أما تويتر فلا يزال الحضور الموريتاني عليه دون المستوى مقارنة مع فيسبوك رغم أنه شهد مؤخراً طفرة في الأعداد المتواجدة من الموريتانين، وكذلك الحسابات النشطة عليه (2000 مستخدم موريتاني على تويتر حسب الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان)، وأصبح أيضا مكاناً جيداً بالنسبة للنشطاء الموريتانيين لإطلاق الحملات الإلكترونية ضد النظام وللتغطيات الميدانية وكذلك ربط الصلات بالنشطاء الدوليين والعرب وسائل الاعلام الدولية والعربية.
السلطة والنشاط على الشبكة
رغم أنه يوجد في موريتانيا قانون يمنع السجن في قضايا النشر والتعبير عن الرأي إلا أن المدونين الموريتانيين يتعرضون باستمرار للتنكيل والقمع و التوقيف وذلك حين يقومون بتغطية الاحتجاجات الشعبية ونشر أخبار مزعجة للنظام، وكانت آخر تلك القصص توقيفالمدون الموريتاني باباه ولد عابدين، الذي تم توقيفه لمدة خمس أيام على خلفية كشفه لحادثة اغتصاب حدثت في ولاية تكانت في الوسط الموريتاني.
وكذلك سبق وأن قامت نقابة الصحفيين الموريتانيين بالتظاهر قي وقت سابق ضد القمع الذي يتعرض له الصحفيون أثناء تغطيتهم للاحتجاجات.
لكن ما يبعث على القلق لدى المدونين الموريتانيين هو مصادقة مجلس الوزراء الموريتاني في الثالث من أكتوبر/ تشرين الأول على مشروع قانون لتنظيم “مجتمع المعلومات الموريتاني” يحمل عبارات فضفاضة اعتبرها المدونون محاولة من الحكومة للسيطرة على عالم شبكة الإنترنت والتدوين من خلال قانون يكمم الافواه ويقيد الحريات. وهذا نص القانون:
“إن ظهور مجتمع المعلومات على اثر الثورة الرقمية وفي ظل العولمة يستدعي اتخاذ استراتيجيات وطنية من أجل إنشاء إطار مناسب للتقنيات الجديدة للتنمية،
وفي هذا السياق يهدف مشروع القانون التوجيهي الحالي إلى تحديد المبادئ الأساسية للمجتمع الموريتاني للمعلومات وإطاره المؤسسي وحقوق وواجبات مختلف الفاعلين وأسس الشراكة وحيثيات التمويل أخذا بعين الاعتبار لضرورة المحافظة على النظام العام وصيانة الأخلاق الفضيلة”.
-مشروع قانون يتعلق بالجريمة السبرانية.
يضع مشروع القانون الآليات القانونية والتنظيمية للجرائم والجنح المتعلقة بتنمية التقنيات الجديدة للاعلام والتحولات المرتبطة بها وذلك من خلال مجموعة من الأحكام القانونية والجنائية الهادفة إلى حماية المصالح العليا للوطن وحقوق المواطنين.”
ليس القمع والتنكيل وحده ما يؤرق المدونين في موريتانيا لكن ضعف الإنترنت وسوء خدمات الشركات المزودة بالخدمة يصعب النشاط على الشبكة، ففي كثير من الأحيان تنقطع الشبكة ويصعب ولوج بعض المواقع وحتى يحجب بعضها لكنهم يراهنون على تطور الشبكة أكثر من أجل خلق رأي عام أكثر فاعلية رافض للفساد والظلم ولإنتهاك حقوق الإنسان في موريتانيا ومطالب بالتغيير.