الجمعة، 26 يونيو 2015

لقطات من تونِس البهية



هناك وجوه فاتنة جاذبيتها تؤنس ولا تزيد المساحيق التجميلة ألقها وسحرها، أخاذة عند الاستيقاظ من الأحلام والكوابيس وفي الغفوة، وهاجة في كل الانفعلات، تختزل جوهر الجمال، تونس هكذا، جميلة ببذخ، رائقة في الصباح والمساء ملهمة في الليل، تماما كما أتصور جمال ملكة قرطاج عليسة( أليسار)، هذا ما تسلل إلى ذائقتي ذات لقاء حميمي. فقد أبهرتني البساطة الفخمة في سيدي بو سعيد وحالة التوهج والتناسق الماتع بين الأبنية البيضاء والأبواب الزرقاء، فقد حلقت  روحي نحو النقاء والتصوف في الجمال وأنا  أسير في أزقتها، كان ذلك في رحلتى نحو القهوة العالية لخطف لحظات بقرب السحاب والتأمل في البحر البهي، تونس جميلة بكل تفاصيلها وملامحها، خضراء ومنطلقة بحق، فالتحرر في شارع بورقيبة، يثير الإعجاب، و أحاديث الأصدقاء عن الثورة على الطغيان تحث على التشبث بإماطة شرذمة الحكام الفاسدين( رغم ما تكتنز تلك الأحاديث من حسرة على عدم الانتقال بعد إلى مرحلة الانجاز وبعض التأسي على الواقع الاقتصادي والأمني، وعودة بعض رموز الفساد للمشهد العام). الشارع يختصر الحاضر والماضي الثورة والبناء، العصرية والتراث، يعبر بجلاء عن التحرر من كل القيود البالية، فنور التحرر ينبعث مع حركات البشر وأنفاسهم ونظراتهم، وفي شارع بورقيبة ينتصب عبد الرحمن ابن خلدون واقفا ليشهد على إبداع المواطن التونسي وتقديره له، ويتمتع بجمال المكان ويستمتع بنور النساء العاملات المتحررات والشباب الثائر، يراقب عن كثب تجربة ذلك الشعب المهيب، وعبر باب البحر ولجت إلى عوالم جميلة من تاريخ تونس الثري، ذلك الباب المشيد في عهد الأغالبة، لأغوص في الفن التونسي والمشغولات والقهاوي الشعبية، طبعا من دون نسيان أخذ لحظات في جامع الزيتونة، الصرح المبهر الموغل في العراقة والمميز بعمارته الملهمة وإشعاعه العلمي الريادي.
ابن خلدون في شارع بورقيبة

هذه هي تونس التي رأيت، حالة ومكان وشعب تتجسد فيهم المدنية بإبداع وتتناعم برحابة،  جدارية رسمها فنان متفرد  لحظة إلهام خاص، واليوم سمعت أن بعض مجانين التطرف الهائمين في" مذهب القتل"، قرروا إرهاق ذلك الجمال المتوقد، وتشويه تلك الخلطة بزرع الرعب في النفوس، بزهق أرواح المواطنين والمستمتعين بتفاصيلها الاستثنائية، وهو ما هالني وقض مضجعي، لكن، ملامح تونس قادرة على الدفاع عن نفسها، والآن، دعونا نغني معا لتونس الخضراء فلا يليق بها الحزن ولا الشحوب. 



الثلاثاء، 23 يونيو 2015

تعذيب بمناسبة اليوم الدولى لمساندة ضحايا التعذيب


استقيظت اليوم على الفيديو المفزع الذي نشر موقع تقدمي، حيث يقدم قصة تعرض قاصرين للتعذيب في مفوضية الشرطة رقم 2 بمقاطعة عرفات، فيظهر هذا الفيديو اَثار التعذيب على أحدهم، وحسب تقدمي، فإن الشرطة  ألقت القبض عليهما  وسجنتهما لمدة يومين واتخذهم  نماذج للتدريب على التعذيب، وكذلك، قامت بمنعهما  من تناول إفطارهما الذي جلبته لهما أسرتيهما.


طبعا لم أتفاجأ بالقصة ولا بالفيديو وذلك بسبب زيارتي لمفوضيات الشرطة كموقوف في احتجاج، حيث كنت ألاحظ تعامل الأمن الهمجي مع الموقوفين، وكذلك، كنت شاهدًا ذات ليلة على تعدي أحد عناصر الشرطة على شاب كان موقوفا في مفوضية تفرغ زينة  بسبب حظر التجول، وكانت منظمة العفو الدولية قد تحدثت في تقرير أصدرته مؤخرًا عن استشراء التعذيب في السجون الموريتانية، حيث جاء فيه:
"واجه السجناء من كافة الأعمار، ذكورا ً وإناثا، وبصرف النظر عن مكانتهم خطر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة. حيث أبلغ نساء وأطفال وسجناء مثليون وسجناء سياسيون، وسجناء مدانون بجرم وفق القانون العرفي، منظمة العفو الدولية بأنهم قد تعرضوا للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة على أيدي قوات األمن. وعلى الرغم من أن التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة تستخدم أساسا النتزاع "لإعترافات" من المعتقلين فقد جرى استخدامها أيضا كأداة عقابية داخل السجون. ومما هيأ المناخ الستخدام التعذيب وجود بعض القوانين التي تسمح باحتجاز المعتقلين في حجز الشرطة لمدة ال تزيد عن 45 ً يوما في حال الاشتباه في ارتكابهم جريمة مخلة بالأمن الوطني، إلا أن هذا الحد الأقصى كان يتم تجاوزه على نحو منتظم. ولم يتم اتخاذ أي إجراءات حيال الشكاوى المقدمة بخصوص التعذيب إلى القضاء أو الشرطة. وتضمنت أساليب التعذيب المبلغ عنها الضرب بصورة منتظمة، بما في ذلك الضرب بالعصي والضرب على الظهر مع تقييد اليدين والقدمين خلف الظهر، والإجبار على اتخاذ وضع القرفصاء لمدد  طويلة، ووضع قضيب حديدي بين الركبتين والتعليق بين برميلين للمياه. كما ذكر بعض المعتقلين أنهم أجبروا على توقيع أقوال تحت التهديد دون السماح لهم بقراءتها ".

ظهور فيديو التعذيب الجديد قبل ثلاثة أيام في من اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب، يعد نوعا  من التنبيه لنشطاء حقوق الانسان والمهتمين عموما بالتعذيب بأن يتعاملوا  بشكل أكثر احترافية وجدية مع هذا الملف حتى يسهموا في وضع حد لهذه المعضلة المقلقة ويقفوا ضد انتهاك أجساد المواطنين. فقضايا إهانة المواطنين وتعذيبهم في السجون والتعدي عليهم في مفوضيات الشرطة تتطلب المزيد من البذل والعطاء ومن المفروض أن تكون قضايا رأي عام، فهل تكون قضية القاصرين هي البداية؟

الثلاثاء، 2 يونيو 2015

حول مدرسة حوكمة الإنترنت في تونس

من المدرسة

كانت الفترة ما بين الخامس والعشرين والتاسع والعشرين من شهر إبريل 2015، مثمرة وغنية جدا بالنسبة لي، حيث غصت في بحر حوكمة الإنترنت، وذلك أثناء مشاركتي في مدرسة حكومة الإنترنت  لدول الشرق الأوسط والدول المجاورة، التي عقدت في تونس والمنظمة من طرف الأيكان وجمعية تونس للإنترنت.
من ما تناولنا..                                    
كانت الحوكمة بالنسبة لي هي سياسات الإنترنت وقوانينها وحرية التعبير وحقوق الانسان فيها، أو على الأقل هذا هو الجانب الذي يسيطر على اهتمامي، وقد أبحرت من خلال مدرسة الحوكمة في جانب اَخر من الحوكمة، وهو الجانب التقني، مثلا تعرفت بشكل أكبر على منظومة أسماء نطاقات الإنترنت، نطاقات المستوى الأعلى لرموز الدول (ccTLD)و نطاقات المستوى الأعلى العامة (GTLDS) ونطاقات المستوى الأعلى الدولية(IDNs)، حيث قدم لنا الأستاذ فهد بطاينة من الإيكان، عرضا حول هذا العالم، وتطوراته، ويسعدنى أن أقاسمكم  الرابط التالي، فبه مقالة وافرة وشارحة لهذا العالم.
تعرفت كذلك بشكل أعمق على ميثاق(بروتوكول) الإنترنت الإصدار السّادس IPV6، حيث حضر بدوره بقوة في المدرسة، و IPV6 هو تطوير لميثاق الإنترنت الإصدار الرّابع IP. .
حضرت أيضا إنترنت الأشياء في جلسات المدرسة، حيث تضمنت جلسات المدرسة جلسة حول إنترنت الأشياء، وهي:

" مجموعة من الأجهزة الرقمية الذكية المتصلة فيما بينها عبر احد البروتوكولات المعروفة مثل: الواي فاي، البلوتوث… تُرسِل وتستقبل المعلومات فيما بينها، دون اعتماد على البشر في أمدادها بهذه المعلومات بل الحصول عليها من الوسط الخارجي عبر الحواس الاصطناعية أو ما يعرف بـ المستشعرات الرقمية. انترنت الأشياء مصطلح تقنى انتشر في العالم الرقمي وكذا العالم المادي، وكان أول ظهور لهذا المصطلح في بدايات القرن الواحد والعشرين بالتحديد في سنة 1999م، على يد العالم البريطاني كيفن أشتون الذي كانت فكرته ان يتم ربط بعض الأجهزة الرقمية التي توجد حولنا كـ الأدوات الكهرو منزلية بطريقة تسمح لنا بمعرفة حالاتها ومعلوماتها الدقيقة دون الحاجة الى أن نكون بالقرب منها".
وحسب الاتحاد الدولي للاتصالات فإن إنترنت الأشياء:
 "بنية تحتية عالمية لمجتمع المعلومات تُمكن من تقديم الخدمات المتقدمة عن طريق الربط (المادي والفعلي) بين الأشياء، استناداً إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الحالية والمتطورة القابلة للتشغيل البيني." .
 أمور أخرى..
ناقشنا في المدرسة أيضا مواضيع أخرى، مثل الحقوق الرقمية، حيث سير محمد نجم من لبنان ورشة حول هذا الموضوع، وكذلك تمت مناقشة قانون الجرائم الإلكترونية  في مصر، الذي عرضه مجلس الوزراء على  عبدالفتاح السيسي. حيث حاول المشاركون في المدرسة تقديم مقترحات لتحسين بعض مواده، وكذلك، حضر نقاش كيفية التعامل مع الجماعات الإرهابية على الإنترنت، وإشكالية حجب المحتوى وحيادية الشبكة، وأيضا، كان من ضمن محاور المدرسة عرضا حول تاريخ شبكة الإنترنت، حيث قدم لنا الأستاذ فاروق كمون من تونس، عرضا تاريخيا لهذه الشبكة، ومن الطرافة أن أول رسالة على الإنترنت هي:" lo"َ!. وهنا رابط مباشر للمادة التعلمية للمدرسة.



على الهامش
القضايا التقنية التي تضمنت المدرسة، جعلتني أتذكر معضلتنا الأزلية وهي ضعف المحتوى العربي على الإنترنت، خاصة في جانبه العلمي والتقني، وهو ما جعلني أطلب من المشاركين التقنيين أن يحاولوا العمل من جهتهم على إثراء المحتوى العربي على الإنترنت في مجال الحوكمة، وأكرر هذا الطلب لكل مهتم قد يصادف هذه التدوينة.
في الختام، أبعث أغزر التحايا لكل من حضر مدرسة حوكمة الإنترنت ولكل من قابلت في تونس الاستثناء، دمتم.