الاثنين، 10 أبريل 2017

الموريتاني يصارع الاحتباس الحراري وحيدًا!


بدأت المياه في السنوات الأخيرة تكدير صفو حياة المواطنين الموريتانيين المقيمين في العاصمة نواكشوط، حيث تحولت بعض أحياء هذه المدينة لأماكن محتلة من المياه المنبعثة من باطن الأرض، وغمرت منازل السكان وفرضت عليهم ترك مناطقهم والذهاب لمقاطعات وأحياء أخرى من المدينة، ومن أكثر مقاطعات نواكشوط تضررا من هذا الواقع، مقاطعات الميناء والسبخة ولكصر(خاصة منطقة سوكجيم ps (وتفرغ زينة، فبعض أجزاء هذه المقاطاعات أصبحت بحيرات دائمة وغمرت المياه بعض المنازل فيها، ولم تنفع محاولات السكان مقاومة هذا التغيير الذي حدث في مناطقهم وحولها لأماكن غير صالحة للسكن، وقد تضرر من هذا الواقع العديد من الأسر الموريتانية ومرجح للأن يتفاقم عبر الأيام والسنوات، وهذا الواقع ليس بالمستغرب ولا المفاجئ، فحسب البنك الدولي ، مدينة نواكشوط تقع ضمن قائمة أكثر عشر مدن في العالم تضررًا من الاحتباس الحراري، وهناك عدة دراسات أخرى، تقول أن المدينة في طريقها للاختفاء بسبب غمر المياه لها، فحسب دراسة موريتانية رسمية، سيختفي 80% من مساحة نواكشوط في ظل خمسة عشر عاما، حيث ستغمرها المياه، وهناك دراسات تتنبأ باختفائها في سنة 2050، وذلك ما تحدثت عنه دراسة أعدها المركز الجهوي للاستشعار عن بعد لدول شمال أفريقيا.

مدينة نواكشوط التي وضع حجر أساسها قبل استقلال موريتانيا بفترة وجيزة - استقلت موريتانيا 1960- وتحولت لأكثر مدن موريتانيا اكتظاظا بالسكان ومكانا لصنع القرار والسياسات العامة للدولة، تقع تحت سطح بالبحر بما يقارب 50 سنتمرا، وعبر الزمن تآكل الحاجز الرملي الطبيعي الذي كان يحميها من مياه البحر، حيث تم بناء المدينة برماله، فقد ظلت لزمن طويل هي المصدر الأساسي لكل عمليات البناء والتشييد، وهو ما تسبب في فتح ثماني عشرة ثغرة في الحاجز الرملي الطبيعي، وهو ما يعتبر تهديدًا خطير على المدينة.

وتقع المدينة على بحيرة جوفية مالحة يلاحظ ارتفاع منسوبها بشكل كبير، ويعزى ذلك لغياب شبكة للصرف الصحي في المدينة وهو ما يسبب أيضا تحول المدينة في موسم الأمطار لمستنقع كبير، حيث تتقطع أوصالحها وتتعطل حركة المواطنين. وقد تشبعت الأرض في بعض مناطق المدينة بالمياه المالحة وأصبحت غير صالحة للبناء، فمع كل حفر تنبعث المياه من باطن الأرض.

وأمام هذا الواقع المقلق تحدث أحيانا بعض المحاولات للتدارك، مثل محاولة تقوية الحاجز الرملي والحد من استنزافه، وكذلك محاولات بدائية لشطف المياه خاصة مياه الأمطار يقوم بها مكتب الصرف الصحي في العاصمة، لا كنها لا تصل لمرحلة الجدية في مجابهة خطر الماء الداهم.

نلاحظ مما سبق أن التغيير المناخي بدأ يتسبب في خسائر جمة للمواطنين الموريتانيين وفي طريقه لخلق المزيد من الخسائر، حيث يفرض عليهم ترك منازلهم والنزوح إلى أماكن أخرى، وهو ما يعني تكاليف مادية تثقل كواهلهم، كشراء قطع أرضية وبناء منازل جديدة أو تأجيرها، وهذا يفرض أن تكون هناك استراتيجية حكومية رسمية على المدى القصير والطويل، لتعويض المتضررين من هذا الواقع وهو ما لا يوجود لحد اليوم ولا تحدث إشارات توحي بأن النظام الحاكم في موريتانيا لديه مخطط أو نية للسير في هذا المنحى، إذن المواطن الموريتاني يقاسي من أضرار التغيير المناخي وحده من دون مساعدة الحكومة ولا دعمها، وهو أمر بالغ البؤس، لذلك أعتقد أنه من الضروري خلق حراك مدني فاعل ومؤثر من أجل المطالبة بتعويض من تضرروا من الواقع البيئي المضطرب في العاصمة وكذلك المتضررين اللاحقين منه، وأن يتوقف التفرج على المواطن وهو يصارع التقلبات وحيدًا، فتلك جريمة آن لها أن تتوقف.