|
صورة من الندوة (موقع الاخبارإنفو) |
خرجت صباح اليوم متجها إلى( فندق) وصال
لتلبية دعوة من هيئة المحامين الموريتانيين،ركبت أول تاكسي تصادفني وما إن انطلقنا
حتى بدأ الركاب يتحدثون عن تزايد حالات الانتحار والقتل وتطور الجريمة في أيامنا
هذه،فقال لهم شيخ مسن :
حدوث هذه الأمور يعني أن العدل غائب والحاكم
مستبد وفاسد ولا يراعي مصالح الناس،لم أتحدث لهم كما أفعل عادة في التاكسي، لكن
قلت في خلدي هذا هو رأي الشارع، فيا ترى ماذا سيقول المحامين والعاملين في سلك
القضاء في موريتانيا في ندوتهم؟، التي تحمل عنوان :
دولة القانون :الواقع والتحديات،والتي سيضم
برنامجها مجموعة من العروض تتناول دولة القانون من عدة محاور.
وصلت قاعة المحاضرة فوجدتها تحتفي بمجموعة من
الشخصيات السياسية والحقوقية والفاعلين في المجتمع المدني، كان هناك أيضا ممثل عن قيادة الدرك.
بعد دقائق من الانتظار
بدأت أعمال الندوة بكلمة لنقيب المحامين الموريتانين،أكد فيها أن البلاد تعيش وضعا أشبه ما يكون بالتعسف الذي ترعاه
السلطات؛ مما قد ينجرُّ عنه احتقان يـُـخشى من أن يؤديَّ إلى هزات فظيعة. فالقانون
يخرق كل يوم ودولة القانون غائبة والقضاء غير مستقل،وقال أن الدول لا تتقدم إلا باحترام
القانون،فالدول التي عاشت على وقع الأزمات لم تكن لتعيشها لولا غياب القانون :
لأننا نعتقد أن
"السلطة تعد بمثابة عدو للحرية مهما كان شأن التنظيم الديمقراطي الحاضنِ لها".
ولأننا نعلم كلـُّـنا أن بلادنا سُجـّـل عليها - أكثر من مرة- قصورٌ فى الوفاء بالالتزامات
الدولية فى مجال حقوق الانسان. وانطلاقا من ذلك فمن العادي أن تكون الدولة نقيضا لنا،
ولا يمكن أن يـُـنتظر منا إلا أن نصارعَـها من أجل خلق جو يسود فيه القانون، ليس إلا.ومن هنا، فإننا
نؤكد أننا سوف نظل نواجه السلطة، نتـتـبَّع خروقاتِـها، نفضحُ تجاوزاتِـها، ونندد بتصرفاتها
الخارجة عن القانون إلى أن تسير على الدرب القويم، لأن ما هي عليه الآن لا يمكن السكوت
عليه؛ فيحدث تارة أن قرارات قاضي التحقيق تسمو على قرارات المحكمة العليا التي ألغتها
كما وقع مع قضية الكفالة في ملف الخطوط الجوية الموريتانية، وإنه لأمر لا يحدث في دولة
قانون. كما يستحيل في هذه البلاد تنفيذ حكم قضائي على مصلحة حكومية أو شخص محمي، الأمر
الذي لا يمكن أن يقع في دولة قانون. أما السجون فوضعها مزرٍ ويسود فيها التعذيب، فكان
لابد من أن يموت نزلاءٌ كي تفهم السلطة أننا لم نكن نمزح عندما قلنا مرارا بأنه ثمة
ممارسة للتعذيب الذي يُعتبر معاملة مرفوضة تحرمها كل القوانين والمواثيق الدولية، وأنه
لا يمارس في دولة القانون. وإن وجود سجون مجهولة المكان، لا يزورها المحامون، ولا ذوو
المعتقلين (كما هو شأن السلفيين) يناقض نص القانون، ولا يحدث إطلاقا في دولة قانون.
كما أن وجود برلمان يعمل خارج القانون منذ أكثر من سنة مسألة لا تحدث في دولة القانون.
أضاف في فقرة
أخرى :
لم يبق إذن إلا
أن يسود القانون وأن يفهم الحاكمون أن الشعب والثروة ليسا ملكا لهم، وأن عليهم أن يتوددوا
للشعب بدل أن يتطاولوا عليه، وأن يُـبـَــرِّروا له بدل أن يحتقروه، وأن يأخذوا رأيـَـه
بدل أن يُـقصوه، وأن يحموهُ بدل أن يتسلــَّــطوا عليه. إن عليهم أن يفهموا أن عهد
الدوس على كرامة الناس، وخرق حقوق الإنسان، وسوء التسيير، والإفراط في القمع، وتكميم
الأفواه، واستخدام القوة العمومية من أجل تصفية الحسابات، قد ولــّـى لغير رجعة. وإن
على القضاء، تحاشيا للانزلاق نحو المجهول، أن يتوقف عن الاستخفاف بتظلمات المواطنين،
وأن يتعامل بجدية وصدق مع كل الملفات الحساسة بما فيها الشكاوى التي تتقدم بها المنظمات
المناهضة للرق.
أما المحامي الأستاذ
إبراهيم ولد ابتى فقد تحدث في عرضه عن دولة القانون من خلال المحاكمة العادلة ، الذي قال فيه أن الطعن لصالح القانون أصبح بضاعة بيد وزير العدل يستخدمها حين أراد ذلك،رغم أنه حق أصلا هدفه إعادة قاعدة قانونية تم خرقها"،ودعى جميع المحامين وخبراء القانون بموريتانيا إلى التحرك والعمل من أجل
إلغاء ما يعرف بـ"الطعن لصالح القانون"،مضيفا أن هذا الحق المتاح حصريا لوزير
العدل لم يعد يخدم دولة القانون للتعسف في استخدامه:
إن الاستخدام المفرط
للطعن لصالح القانون يفقد هيبة المحكمة العليا بل أصبح "نوع من تطويع المحكمة العليا
من طرف وزير العدل،فوزير العدل قدم الأسبوع الماضي 3 طعون لصالح القانون رفضتها
المحكمة العليا.
تحدث أيضا عن التعذيب في السجون الموريتانية:
يجب أن يوجد توازن
في حقوق الأطراف وتوفير الظروف المناسبة ليقدم كل طرف حجته، لكن في موريتانيا يسمح لضابط
الشرطة بالتدخل من أجل تقديم اقتراح لوكيل الجمهورية بمنع المتهم من التواصل مع محاميه"رغم
ما لذلك من خطر على حقوق الآخر".فمثل هذه القوانين مضر بالمحاكمة العادلة وتجب
معالجته على الفور،والمحاكم العادلة تتطلب التجرد حتى لا يتصرف القاضي خدمة للإدارة.
فهناك العديد من الأحكام المعطلة، خصوصا الأحكام التي تكون الإدارة طرفا فيها"،وهذه الوضعية رسخت وجود التعذيب في السجون الموريتانية.
مداخلات
المحامين أزعجت بعض المحامين
الحاضرين من أنصار النظام الموريتاني
واتهموا النقابة بالتسيس والارتهان للمعارضة وتصفية الحسابات مع الجنرال محمد ولد عبد العزيز،وقالوا أنه على المحامي
أن لاصطدم مع السلطة .لكن المحامي المختار ولد اعلى رد عليهم وقال :
نحن نقول
ماتمليه علينا ضمائرنا والمحامي ليس باحث عن المال، بل هو مدافع عن الحق
والمظلومين ومن الطبيعي أن نصطدم بالسلطة لاننا نكشف خرقها للقانون،وسنظل نقول الحقيقية ولتتهمونا بما
تشاءون.
كنت اَخر
المتدخلين وأرجعت غياب دولة القانون في موريتانيا إلى سيطرة العسكر على
الحكم،وقلت أن من يحكم موريتانيا الان خارج على القانون فقد قام بالانقلاب على رئيس مدني
منتخب ورماه خارج القصر وجلس مكانه وسحق الدستور بدبابته.
تحدثت كذالك عن قمع النظام للمتظاهرين والتنكيل بهم
وذكرت واقعة نشطاء حركة 25 فبراير الذين تم تعذيبهم في الإدارة الجهوية للأمن (عبد الفتاح ولد حبيب ومحمد عبدو )،وهم الذين يتخذون المقاومة المدنية نهجا وغاندي
ملهما وجين شارب معلما.
تطرقت أيضا لحظر التجول الغير قانوني الذي تقوم به قوى الامن لكونه غير معلن وغير
مبرر والذي يتضرر منه كل ليلة المواطنيين في العاصمة نواكشوط،ودعيت المحامين إلى
ركوب قطار التغيير كما فعل نظارائهم في مصر وتونس وحدثتهم عن دعمهم للحركات
الاحتجاجية في بلدانهم، فالمحامي هو صوت ونصير المطالبين بالتغيير والمظلومين والباحثين عن الحرية.تفاعل الحاضرين مع مداخلتي وقالي لي بعضهم أنتم الأمل ...
انتهت الندوة
وزادت قناعتي أنه لاوجود لدولة القانون في بلدي .