صورة من نشاط لحركة لاتلمش جنسيتي |
عندما بدأت بعض الأصوات الزنجية الموريتانية تتعالى
وتنتقد الإحصاء السكاني وتطالب بالخروج ضده وبإسقاطه وتتهمه بالعنصرية والإقصاء.قررت
الاستماع لشكاويهم والتعرف على أسباب امتعاضهم،حينها انزعجت مثلهم واعتبرت أن الإحصاء يهدد
السلم الاهلى، وفيه أسئلة توجه إلى الزنوج أقل مايقال أنها عنصرية و إقصائية.
استفسارات تشعر الاَخر بالدونية والنقص والاتهام
المسبق في موريتانيته،وذلك ماتحدث عنه لوكورمو،وهو أحد أهم أساتذة القانون الدستوري
في موريتانيا والمعرف بخدمته للطلاب الموريتانيين بمختلف أعراقهم،حيث تكلم البروفسورعن استجوابه بطريقة مذلة وطرح السؤال
التالي عليه:
مادمت محاميا فهل تعرف المحامي
ولد عبد القادر بعمارة ولد المامي؟، تحدثت كذلك النائب في البرلمان كادياتا جاللو عن
قصص أخرى مثل :
شخص ولد في مدينة بوكي فسألوه هل تعرف با سيلي أو زوجته
.؟
حينها قلت لو وضعت نفسي مكان أحد هؤلاء المواطنين
وتخيلت أني أسأل عن وزير موريتاني فاسد ومرتشي،أو عن نائب في البرلمان دخل عن طريق انتخابات مزورة هزلية، فلن أجاوب
حتى لو كنت أعرفه فإني أرفض أن تكون هذه طريقة إثبات أنني موريتانيا...
كل هذا جعلني أخرج في يوم 30يوليو،2011 في أول
تظاهرت لحركة( لاتلمس جنسيتى )،التي تكونت ضد الإحصاء السكاني،حيث رأيت أنا ومجموعة
من نشطاء حركة 25 فبراير أنه من الواجب علينا الوقوف ضد الظلم،كذلك أن نسعى الى أن لا يأخذ ذلك الاحتجاج طابعا عرقيا وفئويا،وأن نحاول خلق رأي عام ضد كل تمييز
يمارس بحق أي مواطن أو عرقية.
خروجنا هذا لم يرق طبعا للكثيرين من العنصريين العرب
والزنوج،فالعرب اتهمونا بالعاملة للخارج والخيانة
وأن معارضتنا لنظام الجنرال عزيز جعلتنا نخون شريحتنا ووطننا،والزنوج لم يفهموا أن
هناك بشر لايعترفون بالطائفية ويطالبون بدولة المواطنة،التي لاتفرق بين المواطنين،ولم يرق لهم أن يكون هناك من يطالب بسقوط النزعات العنصرية التي يروجون لها،وفعلا
تعرض بعض النشطاء لاعتداءات أثناء الاحتجاجات،المهم واصلنا الخروج مع حركة (لاتلمس جنسيتي) رغم قلتنا إلى أن تغيرت الطريقة المتبعة
في الإحصاء،وتوقفت الأسئلة المستفزة، وكنا طلية تلك الاحتجاجات الصوت العربي الذي ينقل
أخبارها ويشرح أغراضها ويحاول أن يكافح الخطاب العنصري،الذي دأب النظام والعنصريين
ترويجه بين المواطنيين،واليوم وبعد أكثر من سنة ونصف على انطلاق تلك الاحتجاجات توطدت
علاقة النشطاء في الحركتين وأصبحت النقاشات تتعمق ممانتج عنه:
-أن حركة لاتلمس جنسيتي بدأت تتحدث عن مواضيع أكثر وتطرح طرحا أشمل.ولم تعد تتحدث عن الإحصاء فقط ،كذلك وبسبب نقاشات نشطائها مع
شباب 25 فبراير فهمت أنها لايجب أن تظل تخاطب نفسها وشريحتها،وبدأت باستخدام العربية
بشكل أكبر في انشطتها من أجل إسماع صوتها إلى العرب وشرح وجهة نظرها لهم،وعدم تركهم
لتضليل وسائل الإعلام العنصرية.
اقتنعت كذلك أن أي حراك فئوي لن يحقق نتيجة وخرجت
مع شباب 25 فبراير في الذكرى الثانية لانتفاضة فبراير للمطالبة بالدولة المدنية،وتشاركت معه في بيانات ومواقف عدة.
-أما بالنسبة لنشطاء حركة
25 فبراير فقد تغير من كان منهم لديه أفكار نمطية عن مطالب الزنوج وأصبح يفرق بين العنصري
والمطالب بالحق .
بعد تجربتي ورفاقي مع احتجاجات لاتلمس جنسيتي تأكدت
أنه هناك جدار صلب مبني بين مكونات الشعب الموريتاني،وتغذية مستمرة للعنصرية من قبل
المتطرفين العرب والزنوج ،يستغلون فيها عدم وجود احتكاك فعلي بين العرقين ويبثون خطابهم
المسموم الهادف إلى مزيد من التنافر، وأنه
علينا كطلائع ثورية تطالب بدولة المواطنة أن نحاول كسر هذا الجدار الوهمي بالتفاعل
والتشبيك مع بعضنا،وخلق حالة من اللحمة الوطنية وجبهة تكافح العنصرية،فالتغيير لا يمكن
أن يصنعه فصيل ولا عرق واحد فهو عمل جماعي، فموريتانيا أجمل بتنوعها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق