![]() |
تمثال نهضة افريقيا |
الأحد، 21 أكتوبر 2018
نحو بلاد الباوباب، سرت
الأحد، 16 سبتمبر 2018
عن مكان يحب المطر
![]() |
الصورة من حساب الصديق @Sirius_MR على تويتر |
الثلاثاء، 27 فبراير 2018
رحلة إلى أرض الكثبان البيضاء
![]() |
منظر من منطقة تندوجة |
توقفنا عند
مرتفع رملي باهر البياض، فريد الجمال، وأسفله سهل فسيح، خلاب ومريح للعين، تجاوره
بعض من أشجار الطلح وتيشط وآتيل، قد تساقطت أوراقها لكنها ظلت شامخة، تنتظر عناق
المطر الحرون، وتتناثر قربه شجيرات من تيتارك وأم ركبة، في مشهد بديع يميز أرض
آوكار وآمشتيل، تلك البقاع الرائقة حتى أيام القحط والجدب، فالسماء والهواء
والكثبان الرملية النظيفة ذات الملمس الحريري المداعب للأجساد- جعلتني تلك الكثبان
أحرف كلام إبراهيم الكوني، وأقول: لن يذوق طعم الحياة مَن لم يتنفس هواء الكثبان-،
تجلب السكينة والحبور، ففي تلك الصحراء الواسعة، تناغم ونقاء أخاذ وداهش، فصباحها
المنعش وشروق شمسها المبهج و غروبها الآسر وليلها الساحر ونجوم السماء الوضاءة،
يهذبون ويمتعون الروح.
توقفنا ونحن
في حالة ضياع نصفي أو لا أدرية وشك، وعند النزول للسهل، قابلنا أحد الرعاة يرافق
قطيعا من الغنم، فسألناه عن وجهتنا؛ فدلنا على الطريق، وبعد أن تقدمنا عنه اكتشفنا
أنه إحدى تجليات المعنى الصحراوي، فالرجل حكاية تحرر من قيد العبودية والجهل، فقد
تعرف عليه أحد رفاق الرحلة.
وحكى لنا
قصته، حيث كان ذات يوم ضحية استعباد، وفي أحد أيام العبودية الميلودرامية، كتب له
من كان يستعبده في ورقة" أنت عبد جاهل"، وبما أنه لم يكن باستطاعته
القراءة، استعان بشخص ليفسر له المكتوب. آلمت الجملة البغيضة صاحبنا أيما ألم،
وبعدها، قرر الثورة وتغيير ذلك الواقع الظالم، وفك القيد ورفض الذل. ثابر وقاوم
حتى" افتدى" نفسه من مستعبده الغاشم، وانتقل إلى شيخ زاهد في حطام
الدنيا وصراعات أهلها، مبتعد عن المدينة؛ فكلما اقتربت منه رحل بعيدا ناشدا المزيد
من النقاء.
وعند هذا
الشيخ تعلم دليلنا الدرويش الثائر القرآن وأخذ الإجازة، وأصبح حرا كما يليق بأبناء
الصحراء، فالصحراء هي الحرية ومبعثها، واليوم يملك قطيعا من الغنم، يعيش منه هو
وزوجته، ويذهل الناس بترتيله للقرآن؛ فصوته جميل ومرطب للروح.
***
الضياع في
الصحراء، قد يهدينا لعمقها ولب حكاياتها، والتغلغل أكثر في مضاربها، والاغتراف من
القصص واللحظات الحميمية التي تبوح لنا بها. وفي رحلتنا وبعد تركنا للدليل
الدرويش، مررنا صدفة ب"حاسي المبروك"، وهو موضع كنت تواقا لرؤيته، فهو
أصل لحكايات وذكريات تخص أسلافا وحاضرين، طالما رويت لي وكنت أتخيلها، ومتشوق
لرؤية مسرحها.
مررت على
المكان خاليا من ناسه، وأبطال قصصه ومن أحبهم وأحبوه، فلم يبقى من ذلك العهد
القديم إلا بعض ملامحه الطبيعية والحاسي المقاوم والمنتظر لعودة من ارتووا منه،
حبا وودا، وأتمنى أن لا يكون انتظار الحاسي- البئر- لأحبابه ك"انتظار اسحاق".
***
الصحراء لا
تنقضي صدفها، ففي الحين الذي تظن أنك وحيدا وجماعتك في فضاء لا حدود له، وبينك
مسافات شاسعة مع البشر، يخرج لك من رحم الصدفة عظيم الأخبار والمفاجأة.
وأثناء
ذهابنا نحو إحدى وجهات الرحلة، وفي خضم البحث والتفكير في دليل، أعطتنا الصدفة خير
دليل.
غمرتنا ونحن
ننطلق من تندوجة ذات الكثبان البيضاء الوثيرة ومنطلق بعض الأحداث المهمة في تاريخ
هذه الأرض، نفحة ندية من المكان الذي كنا ننوى التوجه له ودلتنا عليه- إن لم أقل
قدم إلينا المكان نفسه-.
كانت النفحة
هي لقاء دون ميعاد ولا اتصال مع رجل طيب يقطن تلك البقعة- أرض الشيخ المتصوف
الزاهد- ويبث منها علمه وأخلاقه، وكنا نرنو للقائه، وهو أحد العلماء الذين خرجهم
الشيخ المتصوف والزاهد الذي علم دليلنا الدرويش وأخرجه من غياهب الجهل، وتم اللقاء
بالرجل الطيب قبل لقاء الدرويش الثائر، حدث اللقاء، هكذا صدفة، كحكايات الصحراء
الأسطورية.
***
غادرت تلك
الأرض المباركة والملهمة عائدا إلى نواكشوط، بعد أن صافحت صدفة وقصدا، بعض بقاعها؛
كتيدأملين وتامرزكيت وعين السلامة وتندازبير وبئر العافية، وعلقت في ذهني تفاصيل
ومشاهد أخرى-قد أحكيها ذات يوم- وأسئلة عديدة.
غادرت على
نية العودة المتأنية، لأغوص في بحار تلك الصحراء عديمة السواحل، وأبحر في عوالم
ناسها وحيواتهم وأساطيرهم الجميلة، وتاريخها ومن صنعوا القيم فيها، وشخوصها
الباقية في الأذهان رغم الغياب وتقلبات الزمن.
الاثنين، 18 سبتمبر 2017
بوح عن صديق
الأربعاء، 16 أغسطس 2017
حنين
![]() |
مدينة بوتلميت |
الاثنين، 10 أبريل 2017
الموريتاني يصارع الاحتباس الحراري وحيدًا!
بدأت المياه في السنوات الأخيرة تكدير صفو حياة المواطنين الموريتانيين المقيمين في العاصمة نواكشوط، حيث تحولت بعض أحياء هذه المدينة لأماكن محتلة من المياه المنبعثة من باطن الأرض، وغمرت منازل السكان وفرضت عليهم ترك مناطقهم والذهاب لمقاطعات وأحياء أخرى من المدينة، ومن أكثر مقاطعات نواكشوط تضررا من هذا الواقع، مقاطعات الميناء والسبخة ولكصر(خاصة منطقة سوكجيم ps (وتفرغ زينة، فبعض أجزاء هذه المقاطاعات أصبحت بحيرات دائمة وغمرت المياه بعض المنازل فيها، ولم تنفع محاولات السكان مقاومة هذا التغيير الذي حدث في مناطقهم وحولها لأماكن غير صالحة للسكن، وقد تضرر من هذا الواقع العديد من الأسر الموريتانية ومرجح للأن يتفاقم عبر الأيام والسنوات، وهذا الواقع ليس بالمستغرب ولا المفاجئ، فحسب البنك الدولي ، مدينة نواكشوط تقع ضمن قائمة أكثر عشر مدن في العالم تضررًا من الاحتباس الحراري، وهناك عدة دراسات أخرى، تقول أن المدينة في طريقها للاختفاء بسبب غمر المياه لها، فحسب دراسة موريتانية رسمية، سيختفي 80% من مساحة نواكشوط في ظل خمسة عشر عاما، حيث ستغمرها المياه، وهناك دراسات تتنبأ باختفائها في سنة 2050، وذلك ما تحدثت عنه دراسة أعدها المركز الجهوي للاستشعار عن بعد لدول شمال أفريقيا.
مدينة نواكشوط التي وضع حجر أساسها قبل استقلال موريتانيا بفترة وجيزة - استقلت موريتانيا 1960- وتحولت لأكثر مدن موريتانيا اكتظاظا بالسكان ومكانا لصنع القرار والسياسات العامة للدولة، تقع تحت سطح بالبحر بما يقارب 50 سنتمرا، وعبر الزمن تآكل الحاجز الرملي الطبيعي الذي كان يحميها من مياه البحر، حيث تم بناء المدينة برماله، فقد ظلت لزمن طويل هي المصدر الأساسي لكل عمليات البناء والتشييد، وهو ما تسبب في فتح ثماني عشرة ثغرة في الحاجز الرملي الطبيعي، وهو ما يعتبر تهديدًا خطير على المدينة.
وتقع المدينة على بحيرة جوفية مالحة يلاحظ ارتفاع منسوبها بشكل كبير، ويعزى ذلك لغياب شبكة للصرف الصحي في المدينة وهو ما يسبب أيضا تحول المدينة في موسم الأمطار لمستنقع كبير، حيث تتقطع أوصالحها وتتعطل حركة المواطنين. وقد تشبعت الأرض في بعض مناطق المدينة بالمياه المالحة وأصبحت غير صالحة للبناء، فمع كل حفر تنبعث المياه من باطن الأرض.
وأمام هذا الواقع المقلق تحدث أحيانا بعض المحاولات للتدارك، مثل محاولة تقوية الحاجز الرملي والحد من استنزافه، وكذلك محاولات بدائية لشطف المياه خاصة مياه الأمطار يقوم بها مكتب الصرف الصحي في العاصمة، لا كنها لا تصل لمرحلة الجدية في مجابهة خطر الماء الداهم.
نلاحظ مما سبق أن التغيير المناخي بدأ يتسبب في خسائر جمة للمواطنين الموريتانيين وفي طريقه لخلق المزيد من الخسائر، حيث يفرض عليهم ترك منازلهم والنزوح إلى أماكن أخرى، وهو ما يعني تكاليف مادية تثقل كواهلهم، كشراء قطع أرضية وبناء منازل جديدة أو تأجيرها، وهذا يفرض أن تكون هناك استراتيجية حكومية رسمية على المدى القصير والطويل، لتعويض المتضررين من هذا الواقع وهو ما لا يوجود لحد اليوم ولا تحدث إشارات توحي بأن النظام الحاكم في موريتانيا لديه مخطط أو نية للسير في هذا المنحى، إذن المواطن الموريتاني يقاسي من أضرار التغيير المناخي وحده من دون مساعدة الحكومة ولا دعمها، وهو أمر بالغ البؤس، لذلك أعتقد أنه من الضروري خلق حراك مدني فاعل ومؤثر من أجل المطالبة بتعويض من تضرروا من الواقع البيئي المضطرب في العاصمة وكذلك المتضررين اللاحقين منه، وأن يتوقف التفرج على المواطن وهو يصارع التقلبات وحيدًا، فتلك جريمة آن لها أن تتوقف.
الخميس، 2 يونيو 2016
لحظات من قمة نواكشوط" العربية"
قبل أيام، كنت أبحث بشغف في مكتبات العاصمة الوافرة عن جديد الكتب، عن شيء يداعب خلايا مخي التواقة بنهم مفرط لما يحركها ويوقظها من سباتها المقلق، فصادفت مذكرات ثرية للسياسي المخضرم عبد الله ولد سيدي، اقتنيتها بدون تردد لما أعرفه من أسلوب سردي باذخ يميز الكاتب عبد الله قبل السياسي ولتاريخه النضالي المبهر الملهم، فهو متصوف في حب التحرر، قدم للمذكرات الكاتب والصحفي اللبناني المخضرم أنطوان حنا، صاحب السبك اللغوي الاستثنائي الجميل كجبل عامل.
بدأت قراءة المذكرات وأنا في طريقي لمنزلي بحي الشهيد المشظوفي المجاور لنصب" المسؤول الفاسد المركول على المؤخرة"، كانت سلسلة رشيقة الحرف ثرية المعنى، ترصد بعض الملامح من التاريخ النضالي لبلدنا موريتانيا.
ضمت المذكرات تفاصيل جمة ومشوقة ومن بين الأحداث التي سكنت في مخيلتي ودفعتني للكتابة عنها، حديثه عن القمة العربية التي نظمت في العاصمة نواكشوط سنة 2016 قبل نصف قرن في عام مولدي، وأقتبس الآن بعض مما كتب:
"كانت مدينة نواكشوط باهتة بلا ملامح حيادية لا طعم لها ولا رائحة ولا موقف، كأنها تمثال شمع رديء الصنع. كانت لها خصلة مميزة وهي الهدوء النسبي والنوم باكرا كأي طفل وديع، لكن أيام التحضير لقمة الطغاة العرب التي تقرر تنظيمها في نواكشوط بعد اعتذار مملكة الطغيان في المغرب، حولت نواكشوط لمدينة مزعجة تجعل التحرك فيها عملية مضنية بائسة، كان الجنرال التائه يحاول وضع بعض البوتوكس لوجه المدينة المترهل المتجعد رغم طفولتها، وجهها الذي أنهكته جرائم العسكر المغتصبين.
كانت القمة العربية تنظم في أيام بلون الدم والطغيان، فالثورة المضادة التي عقبت الربيع العربي تقهقه منتصرة وتشرب كل يوم نخب سحق الشعوب، وقيل أن دكتاتور مصر القاتل الستاليني البليد المسمى السيسي، قد يحضر هو ورهط بغيض من الطغاة المتجبرين من أمثال هاوي التنكيل بالشعب السوداني، عمر البشير، الأحاديث وقتها لم تذكر أن نيرون العصر الأبله بشار الأسد قاتل مئات الآلاف ومشرد الملايين قد يحضر.
كان الوضع كارثيا فنواكشوط لا تحتمل كل تلك الأدران، فهي مدينة تتحول لمستنقع نتن كبير كلما جاء موسم الأمطار وسيكون البؤس أشد حين ينضاف للوضع قاذورات مخلفات مصانع الطغيان والفشل العربية.
حضور تلك الكائنات المضرة بالبشر والبيئة حرك مكامن الإحساس في جسمي، لذلك، خططت مع بعض الرفاق الشباب للتحرش بجبروت الثلة المجرمة.
أعلن أن القمة ستنظم في مكان خاص مجهز خصيصا لها، كان خيمة ضخمة كلفت مبالغ مهولة، رسمت ورفاقي خطة للتسلل وفعل فعلتنا.
وجدنا منافذ ضمن المنظمين وفي يوم الافتتاح تسلق أكثر من عشرين منا لسطح الخيمة وأثناء بث القمة المباشر أحدثنا تشققات في الخيمة وتبولنا بحرقة وألم على رؤوس محفل الطغاة، كانت آلام شعوب مكلومة تحركنا، وبقايا إنسانيتنا المحطمة بوصلتنا الوحيدة.
تم القبض بسرعة على بعضنا لكن حدث أمر شتت الكثير من الأوراق المجرمة، فالسماء انتحبت يومها وأسقطت الخيمة على جماعة السوء، تلطخت ثيابهم بطين نواكشوط الغاضب من حضور من خمروا دماء شعوبهم التي سكبوا بدون رحمة وعتقوها لأيام احتفالاتهم السادية، كان السيسي غارق يبحث عن من يساعده ولم يجد سوى يد مترهل الامارات والبشير سقطت على رأسه شظية من سقف الخيمة فدخل في غيبوبة وانتهك الطين جسده المنتفخ من خيرات السودان المنهوبة، كان جنرالنا التائه محتجزا في زاوية ضيقة ينتظر الفرج، تعرى بعضهم وطفت جلابيبهم على سطح المستنقع والجميل أن كل شيء تم تصويره بكاميرا موبايل فطبعا البث تم قطعه، في تلك الأثناء، خرجت كل المدن العربية متضامنة مع فعلنا ومؤيدة له، كانت موجة جديدة من الربيع العربي وبداية لمرحلة تحرر فخور أني كنت جزءا منها".