رئيس اللجنة المستقلة للانتخبات في كيفة وهو نائم بجانب صناديق الاقتراع |
فالمقاطعون يعتبرون أن موقفهم المبدئي من الانتخابات،هو رفض للانخراط في لعبة تهدف إلى تشريع الحكم العسكري وتقوية القبيلة وتقويض الدولة،وأنهم نجحوا في ايصال صوتهم وتعرية الانتخابات وجعلها مشردة داخليا وخارجيا (الانتخابات الحالية رفض الاتحاد الأوربي والأمم المتحدة وكثير من المنظمات الدولية مراقبتها ) .فهذه الانتخابات تمت مقاطعتها من طرف طيف كبير من الشعب الموريتاني،فمن بين أكثر من مليوني موريتاني يحق لهم التصويت لم يسجل على اللائحة الانتخابية سوى مليون و مائتي ألف مواطن موريتاني وذلك بعد مطالبة أطياف من المعارضة بمقاطعة ذلك الاحصاء. وحتى الذين سجلوا على اللائحة الانتخابية فقد قاطع منهم الكثيرون،فحسب التلفزيون الرسمي نسبة المشاركة كانت 60 % (اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات لم تعلن نسبة حتى الاَن ) وهي نسبة مازالت محل تشكيك، لكنها حتى لو كانت صحيحة فذلك يعني أن 40 % من المسجلين على اللائحة الانتخابية قاطعوا الانتخابات،وحين نقارن نسبة المشاركة في الانتخابات الحالية باَخر انتخابات تشرعية نجد أن النسبة شهدت انتكاسة فنسبة انتخابات 2006 كانت 73,42% .
ويدعم المقاطعون للانتخابات موقفهم بحوادث التزوير التي تحدثت عنها بعض الاحزاب المشاركة في الانتخابات ، فمثلا أصدر حزب تواصل الاسلامي ورقة رصد فيها مجموعة من الخروقات التي شابت عملية الاقتراع.مثل التصويت بدون بطاقة التعريف، عدم تمكين ممثلي اللوائح من التثبت من هويات الناخبين، التصويت عن آخرين دون مبرر، السماح بتصويت ناخبين غير مسجلين على اللائحة باستخدام أسماء ناخبين آخرين، محاولة عسكريين التصويت وهم يرتدون أثوابا مدنية، منع بعض الناخبين من التصويت ما لم يحضر ناخبون آخرون،منع بعض الناخبين من التصويت بحجة أن أسماءهم سبق التصويت عليها،ممارسة بعض مسؤولي المكاتب للدعاية الحزبية داخل المكتب، تردد بعض أعضاء الحكومة على مكاتب التصويت رغم أنهم غير مسجلين أصلا في الدائرة الانتخابية وتوجيههم للناخبين، منع ممثلي الاحزاب من دخول المكاتب رغم حملهم اعتمادات من اللجنة المستقلة للانتخابات ومن الحزب .
وكذلك تحدث حزب تواصل عن قيام اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات بتغيير النتائج لصالح الحزب الحاكم .
وهو ما أكدته شهادته أدلى بها عضو احدي ممثليات اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات لموقع ديلول ،قال فيها :
"إنه تفاجأ بتغيير نتيجة انتخابية ارسلتها لجنته المحلية للجنة الانتخابية المركزية. وأوضح عضو اللجنة الفرعية انه عندما كان يستمع لنقل اذاعة موريتانيا من استديوهها المركزي داخل مقر اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات في نواكشوط، للنتائج النهائية التي تقدم للصحفيين في الاستديوه، لاحظ تغيير نتيجة مكتب من المكاتب التي كانت لجنته الفرعية قد ارسلت نتائجها، لصالح لائحة حزب الاتحاد من اجل الجمهورية، حيث وضعتها في المقدمة بينما كانت في المؤخرة".وكذلك حديث مسئول الإعلام في حزب التحالف الشعبي التقدمي عثمان ولد بيجل عن التزويرالكثيف في الانتخابات وتواطؤ اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات .
و مايبعث على القلقل ويؤكد التزوير هو تأخر اصدار النتائج من قبل اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، وهو ماجعل العديد من الأحزاب المشاركة في الانتخابات تؤكد أن هناك نية لاستبدال النتائج،ما أدى إلى محاصرة أنصار حزب الوئام لمكاتب اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات في روصو والمذرذرة جنوب موريتانيا وقيام أنصار حزب تواصل الاسلامي بمحاصرة مقر اللجنة في لعيون في الشرق الموريتاني وحدوث مواجهات في مدن موريتانية عديدة .و أفرزت النتائج الاولية للانتخابات اكتساح الحزب الحاكم والاحزاب التي تدور في فلك النظام لمقاعد البرلمان وعدم حصول "المعارضة المشاركة " على تمثيل محترم، فما أعلن عنه حتى الاَن من نتائج يجعل تمثيل المعارضة المشاركة فضائحي فمقاعدها لاتقارن بماحصدت المعارضة في اَخر انتخابات تشريعية (الانتخابات التي نظمت بعد الاطاحة بالرئيس الموريتاني السابق معاوية ولد سيد أحمد الطائع )،رغم دخولها في شوط ثاني في بعض المناطق لكن المراقبون يجدون أن تأجيل الحسم إلى الشوط الثاني ماهو إلا مقدمة لمزيد من التزوير لصالح النظام .
حتى الاَن لم يصدر أي رد فعل سلبي من ناحية أحزاب المعارضة المشاركة (تواصل والتحالف الشعبي التقدمي) ومازالت تقول أنها متقدمة وتدافع عن مشاركتها في الانتخابات رغم الأخبار التي تفيد أنها تمثيلها سيكون ضعيف جداً.
لكن أظن أن مع إعلان النتئائج بشكل رسمى وتأكد استحواذ الحزب الحاكم على البرلمان قد نشهد تطوراً في المشهد الانتخابي، وقد نجد انسحابات من الانتخابات،ورجوع لمعسكر المعارضة المقاطعة من قبل المشاركين من مسعكر المعارضة،وهو مايجعل الأزمة تتطور والصراع يدخل مراحل جديدة .
فالمعارضة ستظل على موقفها من هذه الانتخابات وسترفض نتائجها كما رفضت المشاركة فيها،مايطعن في شرعية البرلمان المنبثق عنها وبالتالي سيكون لدينا برلمان مطعون في شرعيته ومؤسسة رئاسية إنقلابية لا تحظى بأدنى شرعية.
وستظل الأزمة السياسية على حالها وقد تتفاقم الأمور حين يحين موعد الانتخابات الرئاسية المفترض تنظيمها في العام القادم فبالاضافة إلى أزمة الشرعية،هناك أزمة الغضب من البطالة والفقر والظلم الاجتماعي والفساد والنهب الممنهج للثروة .