شاهدت قبل فترة الفيلم المثير للجدل
"120 يوما في سدوم"للمخرج الإيطالي باولو بازوليني، ذلك الفلم المليء بالسادية والاستمتاع بإذلال الانسان عبر سلسلة
انتهاكات للأجساد والروح، المغرق في تقدم تفاصيل أبشع صور الإهانات وطرق التعذيب التي يمكن
أن تتخيل، فقد تسبب ذلك الفيلم في اضراب نفسي لصانعيه، لكن كنت أقول أن هذه مجرد سينما
سوداوية ولا يمكن للفعل البشري أن يصل لتك الدرجة من البشاعة، إلا أنه فيما يبدو
كنت في حالة من الهروب من الواقع لأنه أشد صعوبة من ما يأتي في السينما التي تعجز
كثيراً عن رصده بل تجمله أحياناً، المهم، تذكرت ذلك الفلم ومشاهده القاسية وأنا
أتابع أخبار قيام مجموعة من المتحولين من البشرفي مقاطعة عرفات-العبارة أيضا تأتي في
إطار رحلة الهروب- باغتصاب طفلة تسمى زينب في العاشرة من عمرها ولم يكتفوا بذلك بل
قاموا بحرقها في تجلي قذر للنفس البشرية الشريرة.
ماتت الطفلة زينب وتركتني تحت الصدمة رغم
أني وصلت مؤخراً لقناعة أنه لم يعد شيء يفاجئني في هذه الأيام، تركتنا الطفلة
والعار يلتحف أجسادنا وروحنا،فلم نستطع حمايتها في طريقها إلى محظرة تدريس
القراَن، تركتنا وغادرت عالمنا السادي النتن،فهل سنقوم بالتكفير الضئيل عن خطيئتنا
ونأخذ لها حقها من القتلة ومن فرض في حمايتها عبر فشله الأمني الذريع؟
الطفلة زينب لم تكن الأولى ولن تكون الأخير
في سلسلة الاغتصاب البشعة، فقبل فترة تم اغتصاب الطفلة خدي توري التي ثرنا مطالبين
بمعاقبة المجرمين لكن لم يحدث شيء، وهي طفلة أيضا في السادسة من عمرها، وقصتها بشعة
أيضا وكلما تذكرتها أشعر بالغضب، وتسرح بي الذاكرة إلى حديث جمعني بعنصر من أمن
وزارة" العدل"، حيث قال لي لماذا أنتم غاضبون هذا قضاء وقدر!، كأنه ليس
من حقنا الغضب من الأفعال البشعة وهو أمر يوضح مدى استخفاف الأمن بأرواح المواطنين، حدث
ذلك حين تجمهر الشباب الغاضب المتشنج أمام باب الوزارة مطالبين بالعمل الجاد لمعاقبة
المجرمين وتغيير القوانين المتعلقة بالاغتصاب،فقمت بالرد عليه في لحظة ساخرة وغاضبة، وقلت له : "اعتبر هذا
التجمهر الغاضب قضاء وقدر أيضا".
واليوم، نحن أمام تحدي اَخريحتم ضرورة العمل
والنضال الجاد من أجل وضع حد للمجرمين والمتحولين من البشرومعاقبتهم بما يستحقون، والنضال حتى نغير القوانين حتى تلائم العقوبة الجناية المرتكبة، وكذلك فضح الفشل
الأمني،فأجساد المواطنات ليست هبة للذئاب البشرية.