عندما بدأت إرهاصات الثورة العربية تسمرت الجماهير الموريتانية أمام شاشات التلفزيون ,حيث تابعوها لحظة بلحظة وحدثا بعد حدث توحد وجدانهم معها وتعلقت قلوبهم بنجاحها ورفعوا أياديهم وتضرعوا إلى الله من اجل نصرة إخوانهم على الطغاة,وحين سقط أول طاغية وهو الرئيسالمصري حسني مبارك خرجت الجماهير في الشوارع فرحا وبلغوا حد النشوة عند سقوط الطاغية الثاني زين العابدين بن على
، وبما أن موريتانيا جزء من هذا الجسد المسمى الأمة العربية فكان من البديهي أن تمتد هذه الثورة العربية إلى القطر الموريتاني, فزيادة على أن الأقطار العربية توحدها اللغة والتاريخ المشترك والجغرافيا يوحدها " الهم" ,فهم الإنسان العربي واحد فالمعانات واحدة والأنظمة متشابهة ,فكلما وليت وجهك شطر عاصمة عربية وجدت ظلما وقهرا وغبنا وفسادا ,فالمواطن العربي يعيش في ظل إفقار متعمد وتجهيل مبرمج ومدروس وكبت ووصاية من طرف نظام عميل. التونسي "زين العابدين بن على " انتشرت الفرحة بين هذه الجماهير وبلغوا حد النشوة عند سقوط الطاغية الثاني "حسني مبارك ",حيث خرجوا في الشوارع ابتهاج وفرحا بذالك الحدث الجلل
بداية الحراك الشبابي في موريتانيا ومطالبه: بدأ الحراك الشبابي في موريتانيا افتراضيا مثل ماحدث في بقية الأقطار العربية حيث قام بعض نشطاء "الفيس بوك" بوضع دعوة للخروج والتظاهر في يوم الخامس والعشرين من فبراير ولاقت هذه الدعوة إقبالا كبير هال الداعين نفسهم والمراقبين السياسيين ,ورفع الشباب الملبي لهذه الدعوة شعارات تدعوا للتغيير الجذري والإصلاح والتحول إلى دولة القانون والمؤسسات ,وتعديلات دستورية تقلص الصلاحيات الإلهية التي يتمتع بها رئيس الجمهورية , ورفع وصاية العسكر عن إرادة الشعب ,وإنهاء الزواج القائم بين العسكر ورجال الأعمال ,ومطالب أخرى مثل رفع الحد الأدنى للأجور بما يتناسب مع مطالب الحركات النقابية ، مضاعفة المعاشات والرواتب الحالية للموظفين في القطاع العام والخاص وتسوية الأوضاع غير القانونية للعقدويين والعمال غير الدائمين في القطاعين العام والخاص ، الاعتماد على الكفاءات الوطنية في المؤسسات الأجنبية العاملة بموريتانيا , اعتماد سياسة إسكان تضمن حصــول المواطن على سكن لائق، اعتماد سياسة التمييز الايجابي تجاه الشرائح الاجتماعية المهمشة ووضع سياسات اجتماعية تستهدف "آدوابة" تعليما وصحة ، الصرامة في تطبيق القوانين المجرمة للعبودية وبلورة برامج جادة للقضاء النهائي على العبودية وكل مخلفاتها ، تقييم عام لقطاع التعليم والخروج بإستراتيجية محددة تكون محل إجماع وطني تمكن القطاع من لعب دوره الحضاري وتمكنه من توفير خدمة تعليمية تتناسب مع متطلبات السوق ، دعم أسعار الأدوية وفرض رقابة صارمة على توريدها وتخزينها وبيعها ومعاقبة المتلاعبين بها, ووقف استنزاف الثروات المعدنية وخاصة الذهب و النحاس وكذلك الثروات السمكية من خلال مراجعة العقود المجحفة وإعادة التفاوض لاستفادة الشعب من ثرواته المنهوبة ، اعتماد سياسة جادة لمحاربة الفساد تتأسس على مبادئ موضوعية و ذات فعالية مستديمة ، تطهير النظام المصرفي لضمان لعب دوره في خدمة تنمية البلاد ، العمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي في المحاصيل الزراعية الأساسية ، الوقف الفوري للاستيلاء على الأراضي الزراعية القائم حاليا في الضفة ,وقف تدهور الوسط البيئي وإجبار الشركات المضرة بالبيئة على تغيير أساليب استغلالها وإعادة تأهيل المناطق المتضررة ....
وأستمر هذا الحراك أسابيع بصفة سلمية وأخذ يزداد يوما بعد يوم وتتنوع فئاته العمرية والعرقية إلى أن أصبح نسخة مصغرة عن الجماهير الموريتانية. رحلة القمع : إلا انه مع مرور الزمن ومع تطور الحراك بدأ النظام يتخوف من أن يكون بداية النهاية له ,وقرر قمع هذا الشباب وإجهاض هذا الحلم حيث واجه هذا الشباب السلمي بكل همجية وقسوة واعتقل عددا من النشطاء , إلا أن الشباب ظل صامدا يراوغ بوقفات أسبوعية نوعية , ولكن مع استمرار قمع النظام للحراك تضائل الحضور للوقفات وهذا ما أدى إلى قيام الشباب باستراحة محارب ,وأعلنوا عن يوم غضب جديد في الخامس والعشرين من أبريل ، وبدئوا التعبئة له ابتكروا وسائل جديدة واقتبسوا من إخوانهم العرب ودرسوا تجاربهم وقاموا بالاتصال بهم من أجل إنجاح الحراك والاستفادة من خبرتهم وخصوصا المصريين والتونسيين ,وذهبوا إلى أحزمة الفقر ونشروا فيها فكرتهم ,أعدوا فيديوهات دعائية ليوم الغضب لاقت رواج كبيرا على الشبكة العنكبوتية وطورا خطابهم , وانفتحوا على كل القوى الحية في القطر الموريتاني وحصدوا النتيجة في يوم الخامس والعشرين من إبريل حيث رجع الحراك لألقه وقوته وإبهاره وعاد إلى السكة مرة أخرى فكان يوما استثنائيا حيث سيطروا على شارع جمال عبد الناصر أكبر شارع في القطر الموريتاني بحشود غفيرة متنوعة الأعراق والأعمار مطالبة بالتغيير الجذري , وكان رد النظام سريعا حيث أطلق عليهم أجهزته الأمنية وسامتهم مر القمع من مسيلات للدموع ومعاملة وحشية ، واعتقلت مجموعة منهم واختطفت أخرى وأنكرت اعتقالها, وأعلن الشباب وكرد منهم على القمع الذي وجهوا به واعتقال رفاقهم عن نيتهم الاعتصام حتى يتحرر كل من اعتقل واختطف , وفعلا قاموا باعتصامهم وكان اعتصاما نوعيا حيث تضامن معهم بعض نواب البرلمان والحقوقيين والفاعلين في المجتمع المدني وفضوه بعد أن أطلق سراح كل الشباب , و كان لاعتقال الشباب صدا كبيرا خصوصا في الشبكة العنكبويتة حيث تضامن معهم ناشطيها العالميين بشكل ملفت حتى كادوا يدولوا قضيتهم , وبعد فض الشباب لاعتصامهم أعلنوا عن يوم للرفض في الرابع والعشرين من مايو وهم الآن يعملون للتعبئة من أجل أن يكون استئنائيا وناجحا وبداية حقيقة للثورة المنشودة والتغيير المر جوا, فبدئوا بالتنسيق مع أصحاب المظالم وزيارات ميدانية لأحزمة الفقر ووضعوا نقاطا جديدة للتعبئة حتى أنهم بدئوا بالتفكير في التعبئة في المدن الداخلية للقطر من أجل أن يعم الحراك على سائر تراب موريتانيا وأن يأخذ زخما أكبر .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق